للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَقَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ إِقْرَارِهِمْ فو الله مَا أَشُكُّ أَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا لإِصْلاحِهَا، وَأَمَّا الَّذِي يَلْزَمُنِي مِنَ الْحَقِّ والمعرفة بعمال عثمان فو الله لا أُوَلِّي مِنْهُمْ أَحَدًا أَبَدًا، فَإِنْ أَقْبَلُوا فَذَلِكَ خَيْرٌ لَهُمْ: وَإِنْ أَدْبَرُوا بَذَلْتُ لَهُمُ السَّيْفَ] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَطِعْنِي وَادْخُلْ دَارَكَ، وَالْحَقْ بِمَالِكَ بِيَنْبُعَ، وَأَغْلِقْ بَابَكَ عَلَيْكَ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تَجُولُ جَوْلَةً وَتَضْطَرِبُ وَلا تَجِدُ غَيْرَكَ، فَإِنَّكَ وَاللَّهِ لَئِنْ نَهَضْتَ مَعَ هَؤُلاءِ الْيَوْمَ لَيُحَمِّلَنَّكَ النَّاسُ دَمَ عُثْمَانَ غَدًا فَأَبَى عَلِيٌّ، فَقَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: سِرْ إِلَى الشَّامِ فَقَدْ وَلَّيْتُكَهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

مَا هَذَا بِرَأْيِ، مُعَاوِيَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عُثْمَانَ وَعَامِلُهُ عَلَى الشَّامِ، وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقِي لِعُثْمَانَ، أَوْ أَدْنَى مَا هُوَ صَانِعٌ أَنْ يَحْبِسَنِي فَيَتَحَكَّمَ عَلَيَّ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِقَرَابَةِ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَإِنَّ كُلَّ مَا حُمِلَ عَلَيْكَ حُمِلَ عَلَيَّ، وَلَكِنِ اكْتُبْ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَمَنِّهِ وَعِدْهُ فَأَبَى عَلَيَّ وَقَالَ:

وَاللَّهِ لا كَانَ هَذَا أَبَدًا.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي هِلالٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ، فَجِئْتُ عَلِيًّا أَدْخُلُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لِي: عِنْدَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَجَلَسْتُ بِالْبَابِ سَاعَةً، فَخَرَجَ الْمُغِيرَةُ فَسَلَّمَ عَلَيَّ فَقَالَ: مَتَى قَدِمْتَ؟ فَقُلْتُ: السَّاعَةَ.

فَدَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: لَقِيتَ الزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ:

لَقِيتُهُمَا بِالنَّوَاصِفِ قَالَ: مَنْ مَعَهُمَا؟ قُلْتُ: أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فِي فِئَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ عَلِيٌّ: أَمَا إِنَّهُمْ لَنْ يَدَعُوا أَنْ يَخْرُجُوا يَقُولُونَ:

[نَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ،] وَاللَّهِ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ قَالَ ابْنُ عَبَّاس: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبَرَنِي عَنْ شَأْنِ الْمُغِيرَةِ، وَلِمَ خَلا بِكَ؟ قَالَ: جَاءَنِي بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بِيَوْمَيْنِ، فَقَالَ لِي: أَخْلِنِي، فَفَعَلْتُ، فَقَالَ: إِنَّ النُّصْحَ رَخِيصٌ وَأَنْتَ بَقِيَّةُ النَّاسِ، وَإِنِّي لَكَ نَاصِحٌ، وَإِنِّي أُشِيرُ عَلَيْكَ بِرَدِّ عُمَّالِ عُثْمَانَ عَامَكَ هَذَا، فَاكْتُبْ إِلَيْهِمْ بِإِثْبَاتِهِمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، فَإِذَا بَايَعُوا لَكَ وَاطْمَأَنَّ الأَمْرُ لَكَ عَزَلْتَ مَنْ أَحْبَبْتَ وَأَقْرَرْتَ مَنْ أَحْبَبْتَ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أُدْهِنُ فِي دِينِي وَلا أُعْطِي

<<  <  ج: ص:  >  >>