كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، أن عثمان قتل في ذي الحجه لثمان عشرة خلت مِنْهُ، وَكَانَ عَلَى مكة عَبْد اللَّهِ بن عَامِر الحضرمي، وعلى الموسم يَوْمَئِذٍ عَبْد اللَّهِ بن عَبَّاسٍ، بعثه عُثْمَان وَهُوَ محصور، فتعجل أناس فِي يومين فأدركوا مع ابن عَبَّاس، فقدموا الْمَدِينَةَ بعد مَا قتل وقبل أن يبايع علي، وهرب بنو أُمَيَّة فلحقوا بمكة، وبويع على الخمس بقين من ذي الحجة يوم الجمعة، وتساقط الهراب إِلَى مكة، وعائشة مقيمة بمكة تريد عمرة المحرم، فلما تساقط إِلَيْهَا الهراب استخبرتهم فأخبروها أن قَدْ قتل عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ولم يجبهم إِلَى التأمير أحد، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ولكن أكياس، هَذَا غب مَا كَانَ يدور بينكم من عتاب الاستصلاح، حَتَّى إذا قضت عمرتها وخرجت فانتهت إِلَى سرف لقيها رجل من أخوالها من بني ليث- وكانت واصلة لَهُمْ، رفيقة عَلَيْهِم- يقال لَهُ عبيد بن أبي سلمة يعرف بأمه أم كلاب، فَقَالَتْ: مهيم! فأصم ودمدم، فَقَالَتْ: ويحك! علينا أو لنا؟ فَقَالَ: لا تدري، قتل عُثْمَان وبقوا ثمانيا، قالت: ثُمَّ صنعوا ماذا؟ فَقَالَ: أخذوا أهل الْمَدِينَةِ بالاجتماع عَلَى علي، والقوم الغالبون عَلَى الْمَدِينَةِ فرجعت إِلَى مكة وَهِيَ لا تقول شَيْئًا وَلا يخرج منها شَيْء، حَتَّى نزلت عَلَى باب المسجد وقصدت للحجر فسترت فِيهِ، واجتمع الناس إليها فقالت: يا ايها النَّاسُ، إن الغوغاء من أهل الأمصار وأهل المياه وعبيد أهل الْمَدِينَةِ اجتمعوا أن عاب الغوغاء عَلَى هَذَا المقتول بالأمس الإرب واستعمال من حدثت سنه، وَقَدِ استعمل أسنانهم قبله، ومواضع من مواضع الحمى حماها لَهُمْ، وَهِيَ أمور قَدْ سبق بِهَا لا يصلح غيرها، فتابعهم ونزع لهم عنها استصلاحا