عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَتْ: رُدُّوا أَبَانًا، فَرَدُّوهُ، فَقَالَتِ: احْبِسُوهُ وَلا تَقْتُلُوهُ، قَالَ:
لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تَدْعِينَنِي لِهَذَا لَمْ أَرْجِعْ، فَقَالَ لَهُمْ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ: اضْرُبُوهُ وَانْتِفُوا شَعْرَ لِحْيَتِهِ، فَضَرَبُوهُ أَرْبَعِينَ سَوْطًا، وَنَتَفُوا شَعْرَ لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ وَحَاجِبَيْهِ وَأَشْفَارِ عَيْنَيْهِ وَحَبَسُوهُ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ الأَيْلِيَّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مَنْزِلَ عَلِيٍّ بِذِي قَارٍ انْصَرَفُوا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَأَخَذُوا عَلَى الْمُنْكَدِرِ، فَسَمِعَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا نُبَاحَ الْكِلابِ، فَقَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟ فَقَالُوا: الحَوْأَبُ، فَقَالَتْ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! إِنِّي لهيه، [قد سمعت رسول الله ص يَقُولُ وَعِنْدَهُ نِسَاؤُهُ: لَيْتَ شِعْرِي أَيَّتُكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلابُ الْحَوْأَبِ!] فَأَرَادَتِ الرُّجُوعَ، فَأَتَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَزُعِمَ أَنَّهُ قَالَ: كَذَبَ مَنْ قَالَ إِنَّ هَذَا الْحَوْأَبُ وَلَمْ يَزَلْ حَتَّى مَضَتْ، فَقَدِمُوا الْبَصْرَةَ وَعَلَيْهَا عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ، فَقَالَ لَهُمْ عُثْمَانُ: مَا نَقِمْتُمْ عَلَى صَاحِبِكُمْ؟
فَقَالُوا: لَمْ نَرَهُ أَوْلَى بِهَا مِنَّا، وَقَدْ صَنَعَ مَا صَنَعَ، قَالَ: فَإِنَّ الرَّجُلَ أَمَرَنِي فَأَكْتُبُ إِلَيْهِ فَأُعْلِمُهُ مَا جِئْتُمْ لَهُ، عَلَى أَنْ أُصَلِّيَ بِالنَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَنَا كِتَابُهُ، فَوَقَفُوا عَلَيْهِ وَكَتَبَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا يَوْمَيْنِ حَتَّى وَثَبُوا عَلَيْهِ فَقَاتَلُوهُ بِالزَّابُوقَةِ عِنْدَ مَدِينَةِ الرِّزْقِ، فَظَهَرُوا، وَأَخَذُوا عُثْمَانَ فَأَرَادُوا قَتْلَهُ، ثُمَّ خَشُوا غَضَبَ الأَنْصَارِ، فَنَالُوهُ فِي شَعْرِهِ وَجَسَدِهِ فَقَامَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ خَطِيبَيْنِ فَقَالا: يَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ، تَوْبَةٌ بِحَوْبَةٍ، إِنَّما أَرَدْنَا أَنْ يَسْتَعْتِبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ وَلَمْ نُرِدْ قَتْلَهُ، فَغَلَبَ سُفَهَاءُ النَّاسِ الْحُلَمَاءَ حَتَّى قَتَلُوهُ فَقَالَ النَّاسُ لِطَلْحَةَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، قَدْ كَانَتْ كُتُبُكَ تَأْتِينَا بِغَيْرِ هَذَا، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: فَهَلْ جَاءَكُمْ مِنِّي كِتَابٌ فِي شَأْنِهِ؟ ثُمَّ ذَكَرَ قَتْلَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا أَتَى إِلَيْهِ، وَأَظْهَرَ عَيْبَ عَلِيٍّ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، أَنْصِتْ حَتَّى نَتَكَلَّمَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ:
وَمَا لَكَ وَلِلْكَلامِ! فَقَالَ الْعَبْدِيُّ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، أَنْتُمْ أول من أجاب رسول الله ص، فَكَانَ لَكُمْ بِذَلِكَ فَضْلٌ، ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ فِي الإِسْلامِ كَمَا دَخَلْتُمْ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ الله ص بَايَعْتُمْ رَجُلا مِنْكُمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute