للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللَّهِ مَا اسْتَأْمَرْتُمُونَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَرَضِينَا وَاتَّبَعْنَاكُمْ، فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُسْلِمِينَ فِي إِمَارَتِهِ بَرَكَةً، ثُمَّ مَاتَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْكُمْ رَجُلا مِنْكُمْ، فَلَمْ تُشَاوِرُونَا فِي ذَلِكَ، فَرَضِينَا وَسَلَّمْنَا، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الأَمِيرُ جُعِلَ الأَمْرُ إِلَى سِتَّةِ نَفَرٍ، فَاخْتَرْتُمْ عُثْمَانَ وَبَايَعْتُمُوهُ عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَّا، ثُمَّ أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ شَيْئًا، فَقَتَلْتُمُوهُ عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَّا، ثُمَّ بَايَعْتُمْ عَلِيًّا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَّا، فَمَا الَّذِي نَقِمْتُمْ عَلَيْهِ فَنُقَاتِلُهُ؟ هَلِ اسْتَأْثَرَ بِفَيْءٍ، أَوْ عَمِلَ بِغَيْرِ الْحَقِّ؟ أَوْ عَمِلَ شَيْئًا تُنْكِرُونَهُ فَنَكُونُ مَعَكُمْ عَلَيْهِ! وَإِلا فَمَا هَذَا! فَهَمُّوا بِقَتْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقَامَ مِنْ دُونِهِ عَشِيرَتُهُ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ وَثَبُوا عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ، فَقَتَلُوا سَبْعِينَ رَجُلا.

رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ وَطَلْحَةَ قَالا: فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَبَيْتُ الْمَالِ وَالْحَرَسُ فِي أَيْدِيهِمَا، وَالنَّاسُ مَعَهُمَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا مَغْمُورٌ مُسْتَسِرٌّ، وَبَعَثَا حِينَ أَصْبَحَا بِأَنَّ حَكِيمًا فِي الْجَمْعِ، فَبَعَثَتْ:

لا تَحْبِسَا عُثْمَانَ وَدَعَاهُ فَفَعَلا، فَخَرَجَ عُثْمَانُ فَمَضَى لِطَلَبَتِهِ، وَأَصْبَحَ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ فِي خَيْلِهِ عَلَى رَجُلٍ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ وَمَنْ نَزَعَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَفْنَاءِ رَبِيعَةَ، ثُمَّ وَجَّهُوا نَحْوَ دَارِ الرِّزْقِ وَهُوَ يَقُولُ: لَسْتُ بِأَخِيهِ إِنْ لَمْ أَنْصُرْهُ، وَجَعَلَ يَشْتِمُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَسَمِعَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ قومه فقالت: يا بن الْخَبِيثَةِ، أَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ! فَطَعَنَهَا فَقَتَلَهَا، فَغَضِبَتْ عَبْدُ الْقَيْسِ إِلا مَنْ كَانَ اغْتَمَرَ مِنْهُمْ، فَقَالُوا: فَعَلْتَ بِالأَمْسِ وَعُدْتَ لِمِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ! وَاللَّهِ لَنَدَعَنَّكَ حَتَّى يُقِيدَكَ اللَّهُ فَرَجَعُوا وَتَرَكُوهُ، وَمَضَى حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ فِيمَنْ غَزَا مَعَهُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَحَصَرَهُ مِنْ نُزَّاعِ الْقَبَائِلِ كُلِّهَا، وَعَرَفُوا أَنْ لا مُقَامَ لَهُمْ بِالْبَصْرَةِ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَانْتَهَى بِهِمْ إِلَى الزَّابُوقَةِ عِنْدَ دَارِ الرِّزْقِ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لا تَقْتُلُوا إِلا مَنْ قَاتَلَكُمْ، وَنَادَوْا مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلْيَكَفُفْ عَنَّا، فَإِنَّا لا نُرِيدُ إِلا قَتَلَةَ عُثْمَانَ وَلا نَبْدَأُ أَحَدًا، فَأَنْشَبَ حَكِيمٌ الْقِتَالَ وَلَمْ يَرْعَ لِلْمُنَادِي، فَقَالَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَمَعَ لَنَا ثَأْرَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، اللَّهُمَّ لا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَأَقِدْ مِنْهُمُ الْيَوْمَ فَاقْتُلْهُمْ فَجَادُّوهُمُ الْقِتَالَ فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>