قِتَالٍ وَمَعَهُ أَرْبَعَةُ قُوَّادٍ، فَكَانَ حَكِيمٌ بِحِيَالِ طلحه، وذريج بِحِيَالِ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ الْمُحَرِّشِ بِحِيَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابٍ، وَحُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ بِحِيَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَزَحَفَ طَلْحَةُ لحكيم وهو في ثلاثمائة رَجُلٍ، وَجَعَلَ حَكِيمٌ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ وَيَقُولُ:
اضْرِبْهُمْ بِالْيَابِسْ ... ضَرْبَ غُلامٍ عَابِسْ
مِنَ الْحَيَاةِ آيِسْ ... فِي الْغُرُفَاتِ نَافِسْ
فَضَرَبَ رَجُلٌ رِجْلَهُ فَقَطَعَهَا، فَحَبَا حَتَّى أَخَذَهَا فَرَمَى بِهَا صَاحِبَهُ، فَأَصَابَ جَسَدَهُ فَصَرَعَهُ، فَأَتَاهُ حَتَّى قَتَلَهُ، ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَيْهِ وَقَالَ:
يَا فَخِذُ لَنْ تُرَاعِي إِنَّ مَعِي ذِرَاعِي أَحْمِي بِهَا كَرَاعِي وَقَالَ وَهُوَ يَرْتَجِزُ:
لَيْسَ عَلَيَّ أَنْ أَمُوتَ عَارْ وَالْعَارُ فِي النَّاسِ هُوَ الْفِرَارْ وَالْمَجْدُ لا يَفْضَحُهُ الدَّمَارْ.
فَأَتَى عَلَيْهِ رَجُلٌ وَهُوَ رَثِيثٌ، رَأْسُهُ عَلَى الآخَرِ، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا حَكِيمُ؟
قَالَ: قُتِلْتُ، قَالَ: مَنْ قَتَلَكَ؟ قَالَ: وِسَادَتِي، فَاحْتَمَلَهُ فَضَمَّهُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَتَكَلَّمَ يَوْمَئِذٍ حَكِيمٌ وَإِنَّهُ لَقَائِمٌ عَلَى رِجْلٍ، وَإِنَّ السُّيُوفَ لَتَأْخُذُهُمْ فَمَا يُتَعْتِعُ، وَيَقُولُ: إِنَّا خَلَفْنَا هَذَيْنِ وَقَدْ بَايَعَا عَلِيًّا وَأَعْطَيَاهُ الطَّاعَةَ، ثُمَّ أَقْبَلا مُخَالِفَيْنِ مُحَارِبَيْنِ يَطْلُبَانِ بِدَمِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَفَرَّقَا بَيْنَنَا، وَنَحْنُ أَهْلُ دَارٍ وَجِوَارٍ اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا لَمْ يُرِيدَا عُثْمَانَ فَنَادَى مُنَادٍ: يَا خَبِيثُ، جَزَعْتَ حِينَ عَضَّكَ نَكَالُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى كَلامِ مَنْ نَصَّبَكَ وَأَصْحَابَكَ بِمَا رَكِبْتُمْ مِنَ الإِمَامِ الْمَظْلُومِ، وَفَرَّقْتُمْ مِنَ الْجَمَاعَةِ، وَأَصَبْتُمْ مِنَ الدِّمَاءِ، وَنِلْتُمْ مِنَ الدُّنْيَا! فَذُقْ وَبَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَانْتِقَامَهُ، وَأَقِيمُوا فِيمَنْ أَنْتُمْ.
وَقُتِلَ ذُرَيْحٌ وَمَنْ مَعَهُ، وَأَفْلَتَ حُرقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فلجئوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute