أن اخرج إلي، فَقَالَ: نعم، ثُمَّ خرج يمشي، فبصر بِهِ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ:
من هَذَانِ المتبارزان؟ فقيل: ابن الحنفية وعبيد اللَّه بن عُمَرَ، فحرك دابته ثُمَّ نادى مُحَمَّدا، فوقف لَهُ، فَقَالَ: أمسك دابتي، فأمسكها، ثُمَّ مشى إِلَيْهِ علي فَقَالَ: أبرز لك، هلم إلي، فَقَالَ: ليست لي فِي مبارزتك حاجة، فَقَالَ: بلى، فَقَالَ: لا، فرجع ابن عمر فأخذ ابن الحنفية يقول لأبيه:
يَا أبت، لم منعتني من مبارزته؟ فو الله لو تركتني لرجوت أن أقتله، فَقَالَ:
لو بارزته لرجوت أن تقتله، وما كنت آمن أن يقتلك، فَقَالَ: يَا أبت أو تبرز لهذا الفاسق! وَاللَّهِ لو أبوه سألك المبارزة لرغبت بك عنه، [فَقَالَ علي: يَا بني، لا تقل فِي أَبِيهِ إلا خيرا] ثُمَّ إن الناس تحاجزوا وتراجعوا.
قَالَ: فلما كَانَ الْيَوْم الخامس خرج عَبْد اللَّهِ بن عَبَّاسٍ والوليد بن عُقْبَةَ فاقتتلوا قتالا شديدا، ودنا ابن عَبَّاس من الْوَلِيد بن عُقْبَةَ، فأخذ الْوَلِيد يسب بني عبد المطلب، وأخذ يقول: يا بن عَبَّاس، قطعتم أرحامكم، وقتلتم إمامكم، فكيف رأيتم اللَّه صنع بكم؟! لم تعطوا مَا طلبتم، ولم تدركوا مَا أملتم، وَاللَّهِ إن شاء مهلككم وناصر عَلَيْكُمْ فأرسل إِلَيْهِ ابن عَبَّاس: أن ابرز لي، فأبى.
وقاتل ابن عَبَّاس يَوْمَئِذٍ قتالا شديدا، وغشي الناس بنفسه.
ثُمَّ خرج قيس بن سَعْد الأَنْصَارِيّ وابن ذي الكلاع الحميري فاقتتلوا قتالا شديدا، ثُمَّ انصرفا، وذلك في الْيَوْم السادس.
ثُمَّ خرج الأَشْتَر، وعاد إِلَيْهِ حبيب بن مسلمة الْيَوْم السابع، فاقتتلا قتالا شديدا، ثُمَّ انصرفا عِنْدَ الظهر، وكل غير غالب، وَذَلِكَ يوم الثلاثاء.
قَالَ أَبُو مخنف: حدثني مالك بن أعين الجهني عن زيد بن وهب، أن عَلِيًّا قَالَ: حَتَّى متى لا نناهض هَؤُلاءِ القوم بأجمعنا! فقام فِي الناس عشية الثلاثاء، ليلة الأربعاء بعد العصر، فقال: الحمد لله الَّذِي لا يبرم مَا نقض، وما أبرم لا ينقضه الناقضون، لو شاء مَا اختلف اثنان من خلقه، وَلا تنازعت الأمة فِي شَيْءٍ من أمره، وَلا جحد المفضول ذا الفضل فضله، وَقَدْ ساقتنا وهؤلاء القوم الأقدار، فلفت بيننا فِي هَذَا المكان، فنحن من ربنا بمرأى ومسمع، فلو شاء عجل النقمة، وَكَانَ مِنْهُ التغيير، حَتَّى