عَلَى إقامة دين رأونا ضيعناه، وإحياء حق رأونا أمتناه، وإن يقاتلوننا إلا عَلَى هَذِهِ الدُّنْيَا ليكونوا جبابرة فِيهَا ملوكا، فلو ظهروا عَلَيْكُمْ- لا أراهم اللَّه ظهورا وَلا سرورا- لزموكم بمثل سَعِيد والوليد وعبد اللَّه بن عَامِر السفيه الضال، يخبر أحدهم فِي مجلسه بمثل ديته ودية أَبِيهِ وجده، يقول: هَذَا لي وَلا إثم علي، كأنما أعطى تراثه عن أَبِيهِ وأمه، وإنما هُوَ مال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، أفاءه علينا بأسيافنا وأرماحنا، فقاتلوا عباد اللَّه القوم الظالمين، الحاكمين بغير مَا أنزل اللَّه، وَلا يأخذكم فِي جهادهم لوم لائم، فإنهم إن يظهروا عَلَيْكُمْ يفسدوا عَلَيْكُمْ دينكم ودنياكم، وهم من قَدْ عرفتم وخبرتم، وايم اللَّه مَا ازدادوا إِلَى يومهم هَذَا إلا شرا.
وقاتلهم عَبْد اللَّهِ بن بديل فِي الميمنة قتالا شديدا حَتَّى انتهى إِلَى قبة مُعَاوِيَة ثُمَّ إن الَّذِينَ تبايعوا عَلَى الموت أقبلوا إِلَى مُعَاوِيَةَ، فأمرهم أن يصمدوا لابن بديل فِي الميمنة، وبعث إِلَى حبيب بن مسلمة فِي الميسرة، فحمل بهم وبمن كَانَ مَعَهُ عَلَى ميمنة الناس فهزمهم، وانكشف أهل العراق من قبل الميمنة حَتَّى لم يبق مِنْهُمْ إلا ابن بديل فِي مائتين او ثلاثمائة من القراء، قَدْ أسند بعضهم ظهره إِلَى بعض، وانجفل الناس، فأمر علي سَهْل بن حنيف فاستقدم فيمن كَانَ مَعَهُ من أهل المدينة، فاستقبلتهم جموع لأهل الشام عظيمة، فاحتملتهم حَتَّى ألحقتهم بالميمنة، وَكَانَ فِي الميمنة إِلَى موقف علي فِي القلب أهل اليمن فلما كشفوا انتهت الهزيمة إِلَى علي، فانصرف يتمشى نحو الميسرة، فانكشفت عنه مضر من الميسرة، وثبتت رَبِيعَة.
قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي مالك بن أعين الجهني، عن زَيْد بن وهب