الجهني، قَالَ: مر علي مَعَهُ بنوه نحو الميسره، ومعه ربيعه وحدها، وإني لأرى النبل يمر بين عاتقه ومنكبه، وما من بنيه أحد إلا يقيه بنفسه، فيكره على ذلك، فيتقدم عليه، فيحول بين أهل الشام وبينه، فيأخذه بيده إذا فعل ذَلِكَ فيلقيه بين يديه أو من ورائه، فبصر بِهِ أحمر- مولى أبي سُفْيَان، أو عُثْمَان، أو بعض بني أُمَيَّة-[فقال على: ورب الكعبة، قتلني اللَّه إن لم أقتلك أو تقتلني!] فأقبل نحوه، فخرج إِلَيْهِ كيسان مولى علي، فاختلفا ضربتين، فقتله مولى بني أُمَيَّة، وينتهزه علي، فيقع بيده فِي جيب درعه، فيجبذه، ثُمَّ حمله عَلَى عاتقه، فكأني أنظر إِلَى رجيلتيه، تختلفان عَلَى عنق علي، ثُمَّ ضرب بِهِ الأرض فكسر منكبه وعضديه، [وشد ابنا علي عَلَيْهِ: حُسَيْن ومُحَمَّد، فضرباه بأسيافهما، حتى برد، فكأني أنظر إِلَى علي قائما وإلى شبليه يضربان الرجل، حَتَّى إذا قتلاه وأقبلا إِلَى أبيهما، والحسن قائما قَالَ لَهُ: يَا بني، مَا منعك أن تفعل كما فعل أخواك؟ قَالَ: كفياني يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ] ثُمَّ إن اهل الشام دنوا منه وو الله مَا يزيده قربهم مِنْهُ سرعة فِي مشيه، [فَقَالَ لَهُ الْحَسَن: مَا ضرك لو سعيت حَتَّى تنتهي إِلَى هَؤُلاءِ الَّذِينَ قَدْ صبروا لعدوك من أَصْحَابك؟ فَقَالَ: يَا بني، إن لأبيك يَوْمًا لن يعدوه وَلا يبطئ بِهِ عند السعي، وَلا يعجل بِهِ إِلَيْهِ المشي، إن أباك وَاللَّهِ مَا يبالي أوقع عَلَى الموت، أو وقع الموت عَلَيْهِ] .
قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي فضيل بن خديج الكندي، [عن مولى للأشتر، قَالَ: لما انهزمت ميمنة العراق وأقبل علي نحو الميسرة، مر بِهِ الأَشْتَر يركض نحو الفزع قبل الميمنة، فَقَالَ لَهُ علي: يَا مالك، قَالَ: لبيك،