ثُمَّ سمير بن شريح، فقتل هَؤُلاءِ الإخوة السته جميعا ثم أخذ الراية سفيان ابن زَيْد، ثُمَّ عبد بن زَيْدٍ، ثُمَّ كُرَيْب بن زَيْدٍ، فقتل هَؤُلاءِ الإخوة الثلاثة جميعا، ثُمَّ أخذ الراية عميرة بن بشير، ثُمَّ الْحَارِث بن بشير، فقتلا، ثُمَّ أخذ الراية وهب بن كُرَيْب أخو القلوص، فأراد أن يستقبل، فَقَالَ لَهُ رجل من قومه: انصرف بهذه الراية- رحمك اللَّه- فقد قتل أشراف قومك حولها، فلا تقتل نفسك وَلا من بقي من قومك، فانصرفوا وهم يقولون: ليت لنا عدتنا من العرب يحالفوننا عَلَى الموت، ثُمَّ نستقدم نحن وهم فلا ننصرف حَتَّى نقتل أو نظفر فمروا بالأشتر وهم يقولون هَذَا القول، فَقَالَ لَهُمُ الأَشْتَر:
إلي أنا أحالفكم وأعاقدكم عَلَى أَلا نرجع أبدا حَتَّى نظفر أو نهلك فأتوه فوقفوا مَعَهُ، ففي هَذَا القول قَالَ كعب بن جعيل التغلبي:
وهمدان رزق تبتغي من تحالف
وزحف الأَشْتَر نحو الميمنة، وثاب إِلَيْهِ ناس تراجعوا من أهل الصبر والحياء والوفاء، فأخذ لا يصمد لكتيبة إلا كشفها، وَلا لجمع إلا حازه ورده، فإنه لكذلك إذ مر بزياد بن النضر يحمل إِلَى العسكر، فَقَالَ: من هَذَا؟ فقيل: زياد بن النضر، استلحم عَبْد اللَّهِ بن بديل وأَصْحَابه فِي الميمنة، فتقدم زياد فرفع لأهل الميمنة رايته، فصبروا، وقاتل حَتَّى صرع، ثُمَّ لم يمكثوا إلا كلا شَيْء حَتَّى مر بيزيد بن قيس الأرحبي محمولا نحو العسكر، فَقَالَ الأَشْتَر: من هَذَا؟ فَقَالُوا: يَزِيد بن قيس، لما صرع زياد ابن النضر رفع لأهل الميمنة رايته، فقاتل حَتَّى صرع، فَقَالَ الأَشْتَر: هَذَا وَاللَّهِ الصبر الجميل، والفعل الكريم، أَلا يستحي الرجل أن ينصرف لا يقتل