للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما اجتمع إِلَيْهِ عظم من كَانَ انهزم عن الميمنة حرضهم، ثُمَّ قَالَ: عضوا عَلَى النواجذ من الأضراس، واستقبلوا القوم بهامكم، وشدوا شدة قوم موتورين ثأرا بآبائهم وإخوانهم، حناقا عَلَى عدوهم، قَدْ وطنوا عَلَى الموت أنفسهم كيلا يسبقوا بوتر، وَلا يلحقوا فِي الدُّنْيَا عارا، وايم اللَّه مَا وتر قوم قط بشيء أشد عَلَيْهِم من أن يوتروا دينهم، وإن هَؤُلاءِ القوم لا يقاتلونكم إلا عن دينكم ليميتوا السنة، ويحيوا البدعة، ويعيدوكم فِي ضلالة قَدْ أخرجكم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ منها بحسن البصيرة فطيبوا عباد اللَّه أنفسا بدمائكم دون دينكم، فإن ثوابكم عَلَى اللَّه، وَاللَّهِ عنده جنات النعيم وإن الفرار من الزحف فِيهِ السلب للعز، والغلبة عَلَى الفيء، وذل المحيا والممات، وعار الدُّنْيَا والآخرة.

وحمل عَلَيْهِم حَتَّى كشفهم، فألحقهم بصفوف مُعَاوِيَة بين صلاة العصر والمغرب، وانتهى إِلَى عَبْد اللَّهِ بن بديل وَهُوَ فِي عصبة من القراء بين المائتين والثلثمائه، وَقَدْ لصقوا بالأرض كأنهم جثا فكشف عَنْهُمْ أهل الشام، فأبصروا إخوانهم قَدْ دنوا مِنْهُمْ، فَقَالُوا: مَا فعل أَمِير الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالُوا: حي صالح فِي الميسرة، يقاتل الناس أمامه، فَقَالُوا: الحمد لِلَّهِ، قَدْ كنا ظننا أن قَدْ هلك وهلكتم وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بن بديل لأصحابه: استقدموا بنا، فأرسل الاشتر اليه: الا تفعل، أثبت مع الناس فقاتل، فإنه خير لَهُمْ وأبقى لك ولأَصْحَابك فأبى، فمضى كما هُوَ نحو مُعَاوِيَة، وحوله كأمثال الجبال، وفي يده سيفان، وَقَدْ خرج فهو أمام أَصْحَابه، فأخذ كلما دنا مِنْهُ رجل ضربه فقتله، حَتَّى قتل سبعة، ودنا من مُعَاوِيَة فنهض إِلَيْهِ الناس من كل جانب، وأحيط بِهِ وبطائفة من أَصْحَابه، فقاتل حَتَّى قتل، وقتل ناس من اصحابه، ورجعت طائفه قد جرحوا منهزمين، فبعث الاشتر ابن جمهان الجعفي فحمل عَلَى أهل الشام الَّذِينَ يتبعون من نجا من أَصْحَاب ابن بديل حَتَّى نفسوا عَنْهُمْ، وانتهوا إِلَى الأَشْتَر، فَقَالَ لَهُمْ: ألم يكن رأيي لكم خيرا من رأيكم لأنفسكم! الم آمر كم أن تثبتوا مع الناس! وَكَانَ مُعَاوِيَة قَالَ لابن بديل وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>