يضرب قدما: أترونه كبش القوم! فلما قتل أرسل إِلَيْهِ، فَقَالَ: انظروا من هُوَ؟ فنظر إِلَيْهِ ناس من أهل الشام فَقَالُوا: لا نعرفه، فأقبل إِلَيْهِ حَتَّى وقف عَلَيْهِ، فَقَالَ: بلى، هَذَا عَبْد اللَّهِ بن بديل، وَاللَّهِ لو استطاعت نساء خزاعة أن تقاتلنا فضلا عَلَى رجالها لفعلت، مدوه، فمدوه، فَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ كما قَالَ الشاعر:
أخو الحرب إن عضت بِهِ الحرب عضها ... وإن شمرت يَوْمًا بِهِ الحرب شمرا
والبيت لحاتم طيئ وإن الأَشْتَر زحف إِلَيْهِم فاستقبله مُعَاوِيَة بعك والأشعرين، فَقَالَ الأَشْتَر لمذحج: اكفونا عكا، ووقف فِي همدان وَقَالَ لكندة: اكفونا الأشعرين، فاقتتلوا قتالا شديدا، وأخذ يخرج إِلَى قومه فيقول: إنما هم عك، فاحملوا عَلَيْهِم، فيجثون عَلَى الركب ويرتجزون:
يَا ويل أم مذحج من عك ... هاتيك أم مذحج تبكي
فقاتلوهم حَتَّى المساء ثُمَّ إنه قاتلهم فِي همدان وناس من طوائف الناس، فحمل عَلَيْهِم فأزالهم عن مواقفهم حَتَّى ألحقهم بالصفوف الخمسة المعقلة بالعمائم حول مُعَاوِيَة، ثُمَّ شد عَلَيْهِم شدة أخرى فصرع الصفوف الأربعة، - وكانوا معقلين بالعمائم- حَتَّى انتهوا إِلَى الخامس الَّذِي حول مُعَاوِيَة، ودعا مُعَاوِيَة بفرس فركب- وَكَانَ يقول: أردت أن أنهزم فذكرت قول ابن الأطنابة من الأنصار- كَانَ جاهليا، والأطنابة امرأة من بلقين:
أبت لي عفتي وحياء نفسي ... وإقدامي عَلَى البطل المشيح