للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي مالك بن أعين الجهني، عن زَيْد بن وهب، أن عَلِيًّا لما رَأَى ميمنته قَدْ عادت إِلَى مواقعها ومصافها وكشفت من بإزائها من عدوها حَتَّى ضاربوهم فِي مواقفهم ومراكزهم، أقبل حَتَّى انتهى إِلَيْهِم [فَقَالَ: إني قَدْ رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم، يحوزكم الطغاة الجفاة وأعراب أهل الشام، وأنتم لهاميم العرب، والسنام الأعظم، وعمار الليل بتلاوة القرآن وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون، فلولا إقبالكم بعد إدباركم، وكركم بعد انحيازكم، وجب عَلَيْكُمْ مَا وجب عَلَى المولي يوم الزحف دبره، وكنتم من الهالكين، ولكن هون وجدي، وشفى بعض أحاح نفسي، أني رأيتكم بأخرة حزتموهم كما حازوكم، وأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم، تحسونهم بالسيوف، تركب أولاهم أخراهم كالإبل المطرده الهيم، فالآن فاصبروا، نزلت عَلَيْكُمُ السكينة وثبتكم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ باليقين، ليعلم المنهزم أنه مسخط ربه، وموبق نفسه، إن فِي الفرار موجدة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، والذل اللازم، والعار الباقي، واعتصار الفيء من يده، وفساد العيش عَلَيْهِ وإن الفار مِنْهُ لا يَزِيد فِي عمره، وَلا يرضي ربه، فموت المرء محقا قبل إتيان هَذِهِ الخصال، خير من الرضا بالتأنيس لها، والإقرار عَلَيْهَا] .

قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جابر الأحمسي، أن راية بجيلة بصفين كَانَتْ فِي أحمس بن الغوث بن أنمار مع أبي شداد- وَهُوَ قيس بن مكشوح بن هلال بن الْحَارِث بن عَمْرو بن جابر بن على ابن اسلم بن احمس بن الغوث- وقالت لَهُ بجيلة: خذ رايتنا، فَقَالَ: غيري خير لكم مني، قَالُوا: مَا نريد غيرك، قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ أعطيتمونيها لا أنتهي بكم دون صاحب الترس المذهب قَالُوا: اصنع مَا شئت،

<<  <  ج: ص:  >  >>