فأخذها ثُمَّ زحف، حَتَّى انتهى بهم إِلَى صاحب الترس المذهب- وَكَانَ فِي جماعة عظيمة من أَصْحَاب مُعَاوِيَة، وذكروا أنه عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن الْوَلِيد المخزومي- فاقتتل الناس هنالك قتالا شديدا، فشد بسيفه نحو صاحب الترس، فتعرض لَهُ رومي، مولى لمعاوية فيضرب قدم أبي شداد فيقطعها، ويضربه أَبُو شداد فيقتله، وأشرعت إِلَيْهِ الأسنة فقتل، وأخذ الراية عبد الله ابن قلع الأحمسي وَهُوَ يقول:
لا يبعد اللَّه أبا شداد ... حَيْثُ أجاب دعوة المنادي
وشد بالسيف على الأعادي ... نعم الفتى كان لدى الطراد
وفي طعان الرجل والجلاد
فقاتل حَتَّى قتل، فأخذ الراية أخوه عبد الرَّحْمَن بن قلع، فقاتل حَتَّى قتل، ثُمَّ أخذها عفيف بن إياس، فلم تزل فِي يده حَتَّى تحاجز الناس، وقتل حازم بن أبي حازم الأحمسي- أخو قيس بن أبي حازم- يَوْمَئِذٍ، وقتل نعيم بن صهيب بن العلية البجلي يَوْمَئِذٍ، فأتى ابن عمه وسميه نعيم بن الحارث ابن العلية مُعَاوِيَة- وَكَانَ مَعَهُ- فَقَالَ: إن هَذَا القتيل ابن عمي، فهبه لي أدفنه، فَقَالَ: لا تدفنه فليس لذلك أهلا، وَاللَّهِ مَا قدرنا عَلَى دفن ابن عفان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلا سرا قَالَ: وَاللَّهِ لتأذنن فِي دفنه أو لألحقن بهم ولأدعنك.
قَالَ مُعَاوِيَة: أترى أشياخ العرب قَدْ أحالتهم أمورهم، فأنت تسألني فِي دفن ابن عمك! ادفنه إن شئت أو دع فدفنه.
قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بن حصيرة الأَزْدِيّ، عن أشياخ من النمر من الأزد، أن مخنف بن سليم لما ندبت الأزد للأزد، حمد اللَّه وأثنى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إن من الخطإ الجليل، والبلاء العظيم، أنا صرفنا إِلَى قومنا وصرفوا إلينا، وَاللَّهِ مَا هي إلا أيدينا نقطعها بأيدينا، وما هي إلا أجنحتنا نجدها بأسيافنا، فإن نحن لم نؤاس جماعتنا، ولم نناصح صاحبنا كفرنا، وان