للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ كنت أتمنى الشهادة، وأتعرض لها فِي كل جيش وغاره، فأبى الله عز وجل إلا أن يبلغني هَذَا الْيَوْم أَلا وإني متعرض لها من ساعتي هَذِهِ، قَدْ طمعت أَلا أحرمها، فما تنتظرون عباد اللَّه بجهاد من عادى اللَّه؟ خوفا من الموت القادم عَلَيْكُمُ، الذاهب بأنفسكم لا محالة، أو من ضربة كف بالسيف تستبدلون الدُّنْيَا بالنظر فِي وجه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وموافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فِي دار القرار! مَا هَذَا بالرأي السديد ثُمَّ مضى فَقَالَ:

يَا إخوتي، قَدْ بعت هَذِهِ الدار بالتي أمامها، وهذا وجهى إليها لا يبرح وجوهكم، وَلا يقطع اللَّه عَزَّ وَجَلَّ رجاءكم فتبعه إخوته: عُبَيْد اللَّهِ وعوف ومالك، وَقَالُوا:

لا نطلب رزق الدُّنْيَا بعدك، فقبح اللَّه العيش بعدك! اللَّهُمَّ إنا نحتسب أنفسنا عندك! فاستقدموا فقاتلوا حَتَّى قتلوا قَالَ أَبُو مخنف: حدثنى صلة بن زهير النهدي، عن مسلم بن عَبْدِ اللَّهِ الضبابي، قَالَ: شهدت صفين مع الحي ومعنا شمر بن ذي الجوشن الضبابي، فبارزه أدهم بن محرز الباهلي، فضرب أدهم وجه شمر بالسيف، وضربه شمر ضربة لم تضرره، فرجع شمر إِلَى رحله فشرب شربة- وَكَانَ قَدْ ظمئ- ثُمَّ أخذ الرمح، فأقبل وَهُوَ يقول:

إني زعيم لأخي باهله ... بطعنة إن لم أصب عاجله

أو ضربة تحت القنا والوغى ... شبيهة بالقتل أو قاتله

ثُمَّ حمل عَلَى أدهم فصرعه، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ بتلك.

قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي عَمْرو بن عَمْرو بن عوف بن مالك الجشمي أن بشر بن عصمة المزني كَانَ لحق بمعاوية، فلما اقتتل الناس بصفين بصر

<<  <  ج: ص:  >  >>