للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشر بن عصمة بمالك بن العقدية- وَهُوَ مالك بن الجلاح الجشمي، ولكن العقدية غلبت عَلَيْهِ- فرآه بشر وَهُوَ يفري فِي أهل الشام فريا عجيبا، وَكَانَ رجلا مسلما شجاعا، فغاظ بشرا مَا رَأَى مِنْهُ، فحمل عَلَيْهِ فطعنه فصرعه، ثُمَّ انصرف، فندم لطعنته إِيَّاهُ جبارا، فقال:

وانى لأرجو من مليكي تجاوزا ... ومن صاحب الموسوم فِي الصدر هاجس

دلفت لَهُ تحت الغبار بطعنة ... عَلَى ساعة فِيهَا الطعان تخالس

فبلغت مقالته ابن العقدية، فَقَالَ:

أَلا أبلغا بشر بن عصمة أنني ... شغلت وألهاني الَّذِينَ أمارس

فصادفت مني غرة وأصبتها ... كذلك والأبطال ماض وخالس

ثُمَّ حمل عَبْد اللَّهِ بن الطفيل البكائي عَلَى جمع لأهل الشام، فلما انصرف حمل عَلَيْهِ رجل من بني تميم- يقال لَهُ قيس بن قرة، ممن لحق بمعاوية من أهل العراق- فيضع الرمح بين كتفي عبد الله بن الطفيل، ويعترضه يزيد ابن مُعَاوِيَة، ابن عم عَبْد اللَّهِ بن الطفيل، فيضع الرمح بين كتفي التميمي، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ طعنته لأطعننك، فَقَالَ: عَلَيْك عهد اللَّه وميثاقه لئن رفعت السنان على ظهر صاحبك لترفعن سنانك عني! فَقَالَ لَهُ: نعم، لك بِذَلِكَ عهد اللَّه، فرفع السنان عن ابن الطفيل، ورفع يَزِيد السنان عن التميمي، فَقَالَ: ممن أنت؟ قَالَ: من بني عَامِر، فَقَالَ لَهُ: جعلني اللَّه فداكم! أينما إلفكم إلفكم كراما، وإني لحادي عشر رجلا من أهل بيتي ورهطي قتلتموهم الْيَوْم، وأنا كنت آخرهم فلما رجع الناس إِلَى الْكُوفَةِ عتب عَلَى يَزِيد بن الطفيل فِي بعض مَا يعتب فِيهِ الرجل عَلَى ابن عمه، فَقَالَ لَهُ:

ألم ترني حاميت عنك مناصحا ... بصفين إذ خلاك كل حميم

ونهنهت عنك الحنظلي وَقَدْ أتى ... عَلَى سابح ذي ميعة وهزيم!

<<  <  ج: ص:  >  >>