قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي فضيل بن خديج، قَالَ: خرج رجل من أهل الشام يدعو إِلَى المبارزة، فخرج إِلَيْهِ عبد الرَّحْمَن بن محرز الكندي، ثُمَّ الطمحي، فتجاولا ساعة ثُمَّ إن عبد الرَّحْمَن حمل عَلَى الشامي فطعنه فِي ثغرة نحره فصرعه، ثُمَّ نزل إِلَيْهِ فسلبه درعه وسلاحه، فإذا هُوَ حبشي، فَقَالَ: إنا لِلَّهِ! لمن أخطرت نفسي! لعبد أسود! وخرج رجل من عك يسأل المبارزة، فخرج إِلَيْهِ قيس بن فهدان الكناني، ثُمَّ البدني، فحمل عَلَيْهِ العكي فضربه واحتمله أَصْحَابه فَقَالَ قيس بن فهدان:
لقد علمت عك بصفين أننا ... إذا التقت الخيلان نطعنها شزرا
قَالَ أَبُو مخنف: وَحَدَّثَنِي فضيل بن خديج أن قيس بن فهدان كَانَ يحرض أَصْحَابه فيقول: شدوا إذا شددتم جميعا، وإذا انصرفتم فأقبلوا معا، وغضوا الأبصار، وأقلوا اللفظ، واعتوروا الأقران، وَلا يؤتين من قبلكم العرب قَالَ: وقتل نهيك بن عزير- من بني الْحَارِث بن عدي وعمرو بن يَزِيدَ من بني ذهل، وسعيد بن عَمْرو- وخرج قيس بن يَزِيدَ وَهُوَ ممن فر إِلَى مُعَاوِيَةَ من علي، فدعا إِلَى المبارزة، فخرج إِلَيْهِ أخوه أَبُو العمرطة بن يَزِيدَ، فتعارفا، فتواقفا وانصرفا إِلَى النَّاسِ، فأخبر كل واحد منهما أنه لقي أخاه.
قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ حُذَيْفَة من آل عَامِر بن جوين الطَّائِيّ، أن طيئا يوم صفين قاتلت قتالا شديدا، فعبيت لَهُمْ جموع كثيرة، فجاءهم حمزة بن مالك الهمداني، فَقَالَ: ممن أنتم، لِلَّهِ أنتم! فقال عبد الله ابن خليفة البولاني- وَكَانَ شيعيا شاعرا خطيبا: نحن طيئ السهل، وطيئ