قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي سويد بن حية الأسدي، عن الحضين ابن المنذر، [أن أناسا كَانُوا أتوا عَلِيًّا قبل الوقعة فَقَالُوا لَهُ: إنا لا نرى خَالِد بن المعمر إلا قَدْ كاتب مُعَاوِيَة، وَقَدْ خشينا أن يتابعه فبعث إِلَيْهِ علي وإلى رجال من أشرافنا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا معشر رَبِيعَة، فأنتم أنصاري ومجيبو دعوتي ومن أوثق حي فِي العرب فِي نفسي، وَقَدْ بلغني أن مُعَاوِيَة قَدْ كاتب صاحبكم خَالِد بن المعمر، وَقَدْ أتيت بِهِ، وجمعتكم لأشهدكم عَلَيْهِ ولتسمعوا أَيْضًا مَا أقوله ثُمَّ أقبل عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا خَالِد بن المعمر، إن كَانَ مَا بلغني حقا فإني أشهد اللَّه ومن حضرني مِنَ الْمُسْلِمِينَ أنك آمن حَتَّى تلحق بأرض العراق أو الحجاز أو أرض لا سلطان لمعاوية فِيهَا، وإن كنت مكذوبا عَلَيْك، فإن صدورنا تطمئن إليك فحلف بِاللَّهِ مَا فعل،] وَقَالَ رجال منا كثير: لو كنا نعلم أنه فعل أمثلناه، فَقَالَ شقيق بن ثور السدوسي: مَا وفق خَالِد بن المعمر أن نصر مُعَاوِيَة وأهل الشام عَلَى علي وربيعة، فَقَالَ زياد بن خصفة التيمي: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، استوثق من ابن المعمر بالإيمان لا يغدرنك.
فاستوثق مِنْهُ، ثُمَّ انصرفنا [فلما كَانَ يوم الخميس انهزم الناس من قبل الميمنة، فجاءنا علي حَتَّى انتهى إلينا وَمَعَهُ بنوه، فنادى بصوت عال جهير، كغير المكترث لما فِيهِ الناس: لمن هَذِهِ الرايات؟ قلنا: رايات رَبِيعَة، فَقَالَ:
بل هي رايات اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، عصم اللَّه أهلها، فصبرهم، وثبت أقدامهم.