ابن سنان الأسدي: يَا قوم، إن الرأي مَا رأيتم، فولوا أمركم رجلا مِنْكُمْ، فإنه لا بد لكم من عماد وسناد وراية تحفون بِهَا، وترجعون إِلَيْهَا فعرضوها عَلَى زَيْد بن حصين الطَّائِيّ فأبى، وعرضوها عَلَى حُرْقُوص بن زهير فأبى، وعلى حمزة بن سنان وشريح بن أوفى العبسي فأبيا، وعرضوها عَلَى عَبْد الله ابن وهب، فَقَالَ: هاتوها، أما وَاللَّهِ لا آخذها رغبة فِي الدُّنْيَا، وَلا أدعها فرقا من الموت فبايعوه لعشر خلون من شوال- وَكَانَ يقال لَهُ ذو الثفنات- ثُمَّ اجتمعوا فِي منزل شريح بن أوفى العبسي، فَقَالَ ابن وهب: اشخصوا بنا إِلَى بلدة نجتمع فِيهَا لإنفاذ حكم اللَّه، فإنكم أهل الحق قَالَ شريح:
نخرج إِلَى المدائن فننزلها، ونأخذ بأبوابها، ونخرج منها سكانها، ونبعث إِلَى إخواننا من أهل الْبَصْرَة فيقدمون علينا فَقَالَ زَيْد بن حصين: إنكم إن خرجتم مجتمعين اتبعتم، ولكن اخرجوا وحدانا مستخفين، فأما المدائن فإن بِهَا من يمنعكم، ولكن سيروا حَتَّى تنزلوا جسر النهروان، وتكاتبوا إخوانكم من أهل الْبَصْرَة قَالُوا: هَذَا الرأي.
وكتب عَبْد اللَّهِ بن وهب إِلَى من بِالْبَصْرَةِ مِنْهُمْ يعلمهم مَا اجتمعوا عَلَيْهِ، ويحثهم عَلَى اللحاق بهم، وسير الكتاب إِلَيْهِم، فأجابوه أَنَّهُمْ عَلَى اللحاق بِهِ.
فلما عزموا عَلَى المسير تعبدوا ليلتهم- وكانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة- وساروا يوم السبت، فخرج شريح بن أوفى العبسي وَهُوَ يتلو قول اللَّه تعالى:
وخرج معهم طرفة بن عدي بن حاتم الطَّائِيّ، فاتبعه أبوه فلم يقدر عَلَيْهِ، فانتهى إِلَى المدائن ثُمَّ رجع، فلما بلغ ساباط لقيه عَبْد اللَّهِ بن وهب الراسبي فِي نحو عشرين فارسا، فأراد عَبْد اللَّهِ قتله، فمنعه عَمْرو بن مالك النبهاني وبشر بن زَيْد البولاني وأرسل عدي إِلَى سعد بن مسعود عامل علي عَلَى المدائن يحذره