للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرهم، فحذر، وأخذ أبواب المدائن، وخرج فِي الخيل واستخلف بِهَا ابن أخيه المختار بن أبي عبيد، وسار فِي طلبهم، فأخبر عَبْد اللَّهِ بن وهب خبره فرابأ طريقه، وسار عَلَى بغداد، ولحقهم سعد بن مسعود بالكرخ في خمسمائة فارس عِنْدَ المساء، فانصرف إِلَيْهِم عَبْد اللَّهِ فِي ثَلاثِينَ فارسا، فاقتتلوا ساعة، وامتنع القوم مِنْهُمْ، وَقَالَ أَصْحَاب سعد لسعد: مَا تريد من قتال هَؤُلاءِ ولم يأتك فِيهِمْ أمر! خلهم فليذهبوا، واكتب إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، فإن أمرك باتباعهم اتبعتهم، وإن كفاكهم غيرك كَانَ فِي ذَلِكَ عافية لك فأبى عَلَيْهِم، فلما جن عَلَيْهِم الليل خرج عَبْد اللَّهِ بن وهب فعبر دجلة إِلَى أرض جوخى، وسار إِلَى النهروان، فوصل إِلَى أَصْحَابه وَقَدْ أيسوا مِنْهُ، وَقَالُوا: إن كَانَ هلك ولينا الأمر زَيْد بن حصين أو حُرْقُوص بن زهير، وسار جماعة من أهل الْكُوفَة يريدون الخوارج ليكونوا معهم، فردهم أهلوهم كرها، مِنْهُمُ القعقاع بن قيس الطَّائِيّ عم الطرماح بن حكيم، وعبد اللَّه بن حكيم بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ البكائي، وبلغ عَلِيًّا أن سَالم بن رَبِيعَة العبسي يريد الخروج، فأحضره عنده، ونهاه فانتهى.

ولما خرجت الخوارج من الْكُوفَة أتى عَلِيًّا أَصْحَابه وشيعته فبايعوه وَقَالُوا:

نحن أولياء من واليت، وأعداء من عاديت، فشرط لَهُمْ فِيهِ سنه رسول الله ص، فجاءه رَبِيعَة بن أبي شداد الخثعمي- وَكَانَ شهد مَعَهُ الجمل وصفين، وَمَعَهُ راية خثعم- فَقَالَ لَهُ: بايع عَلَى كتاب اللَّه وسنة رسول الله ص، فَقَالَ رَبِيعَة: عَلَى سنة أبي بكر وعمر، قَالَ لَهُ علي: ويلك! لو أن أبا بكر وعمر عملا بغير كتاب اللَّه وسنة رسول الله ص لم يكونا عَلَى شَيْء من الحق، فبايعه، فنظر إِلَيْهِ علي وَقَالَ:

أما وَاللَّهِ لكأني بك وَقَدْ نفرت مع هَذِهِ الخوارج فقتلت، وكأني بك وَقَدْ وطئتك الخيل بحوافرها، فقتل يوم النهر مع خوارج الْبَصْرَة.

وأما خوارج البصره فإنهم اجتمعوا في خمسمائة رجل، وجعلوا عليهم مسعر ابن فدكي التميمي، فعلم بهم ابن عَبَّاس، فأتبعهم أبا الأسود الدولى،

<<  <  ج: ص:  >  >>