وكتبوا إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فإنك لم تغضب لربك، إنما غضبت لنفسك، فإن شهدت عَلَى نفسك بالكفر، واستقبلت التوبة، نظرنا فِيمَا بيننا وبينك، وإلا فقد نابذناك عَلَى سواء إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ فلما قرأ كتابهم أيس مِنْهُمْ، فرأى أن يدعهم ويمضي بِالنَّاسِ إِلَى أهل الشام حَتَّى يلقاهم فيناجزهم.
قَالَ ابو مخنف، عن المعلى بن كليب الهمدانى، عن جبر بن نوف أبي الوداك الهمداني: إن عَلِيًّا لما نزل بالنخيلة وأيس من الخوارج، قام فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فإنه من ترك الجهاد فِي اللَّه وأدهن فِي أمره كَانَ عَلَى شفا هلكه إلا أن يتداركه اللَّه بنعمة، فاتقوا اللَّه، وقاتلوا من حاد اللَّه، وحاول أن يطفئ نور اللَّه، قاتلوا الخاطئين الضالين، القاسطين المجرمين، الَّذِينَ ليسوا بقراء للقرآن، وَلا فقهاء فِي الدين، وَلا علماء فِي التأويل، وَلا لهذا الأمر بأهل سابقة فِي الإِسْلام، وَاللَّهِ لو ولوا عَلَيْكُمْ لعملوا فيكم بأعمال كسرى وهرقل، تيسروا وتهيئوا للمسير إِلَى عدوكم من أهل المغرب، وَقَدْ بعثنا إِلَى إخوانكم من أهل الْبَصْرَة ليقدموا عَلَيْكُمْ، فإذا قدموا فاجتمعتم شخصنا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلا حول وَلا قوة إلا بِاللَّهِ.
وكتب علي إِلَى عَبْد اللَّهِ بن عباس مع عتبة بن الأخنس بن قيس، من بني سعد بن بكر: أَمَّا بَعْدُ، فإنا قَدْ خرجنا إِلَى معسكرنا بالنخيلة، وَقَدْ أجمعنا عَلَى المسير إِلَى عدونا من أهل المغرب، فأشخص بِالنَّاسِ حَتَّى يأتيك رسولي، وأقم حَتَّى يأتيك أمري والسلام.
فلما قدم عَلَيْهِ الكتاب قرأه عَلَى الناس، وامرهم بالشخوص مع الأحنف ابن قيس، فشخص معه منهم الف وخمسمائة رجل، فاستقلهم عَبْد اللَّهِ بن عَبَّاسٍ، فقام في الناس، فحمد اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا أهل الْبَصْرَة، فإنه جاءني أمر أَمِير الْمُؤْمِنِينَ يأمرني بإشخاصكم، فأمرتكم بالنفير إِلَيْهِ مع الأحنف بن قيس، ولم يشخص معه منكم الا الف وخمسمائة،