للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي عُثْمَان فِي أول خلافته وفي آخرها؟ قَالَ: إنه كَانَ محقا فِي أولها وفي آخرها، قَالُوا: فما تقول فِي علي قبل التحكيم وبعده؟ قَالَ: إنه أعلم بِاللَّهِ مِنْكُمْ، وأشد توقيا عَلَى دينه، وأنفذ بصيرة فَقَالُوا: إنك تتبع الهوى، وتوالي الرجال عَلَى أسمائها لا عَلَى أفعالها، وَاللَّهِ لنقتلنك قتلة مَا قتلناها أحدا، فأخذوه فكتفوه ثُمَّ أقبلوا بِهِ وبامرأته وَهِيَ حبلى متم حَتَّى نزلوا تحت نخل مواقر، فسقطت مِنْهُ رطبة، فأخذها أحدهم فقذف بِهَا فِي فمه، فَقَالَ أحدهم: بغير حلها، وبغير ثمن! فلفظها وألقاها من فمه، ثم أخذ سيفه فاخذ يمينه، فمر بِهِ خنزير لأهل الذمة فضربه بسيفه، فَقَالُوا: هَذَا فساد فِي الأرض، فأتى صاحب الخنزير فأرضاه من خنزيره، فلما رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمُ ابن خباب قَالَ: لَئِنْ كنتم صادقين فِيمَا أَرَى فما علي مِنْكُمْ بأس، إني لمسلم، مَا أحدثت فِي الإِسْلام حدثا، وَلَقَدْ أمنتموني، قلتم: لا روع عَلَيْك! فجاءوا بِهِ فأضجعوه فذبحوه، وسال دمه فِي الماء، وأقبلوا إِلَى المرأة، فَقَالَتْ: إني إنما أنا امرأة، أَلا تتقون اللَّه! فبقروا بطنها، وقتلوا ثلاث نسوة من طيئ، وقتلوا أم سنان الصيداوية، فبلغ ذَلِكَ عَلِيًّا ومن مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ من قتلهم عَبْد اللَّهِ بن خباب، واعتراضهم الناس، فبعث إِلَيْهِم الْحَارِث بن مُرَّةَ العبدي ليأتيهم فينظر فِيمَا بلغه عَنْهُمْ، ويكتب بِهِ إِلَيْهِ عَلَى وجهه، وَلا يكتمه فخرج حَتَّى انتهى إِلَى النهر ليسائلهم، فخرج القوم إِلَيْهِ فقتلوه، وأتى الخبر أَمِير الْمُؤْمِنِينَ والناس، فقام إِلَيْهِ الناس، فَقَالُوا:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، علام تدع هَؤُلاءِ وراءنا يخلفوننا فِي أموالنا وعيالنا! سر بنا إِلَى القوم فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم سرنا إِلَى عدونا من أهل الشام.

وقام إِلَيْهِ الأشعث بن قيس الكندي فكلمه بمثل ذَلِكَ وَكَانَ الناس يرون أن الأشعث يرى رأيهم لأنه كَانَ يقول يوم صفين: أنصفنا قوم يدعون إِلَى كتاب اللَّه، فلما أمر عَلِيًّا بالمسير إِلَيْهِم علم الناس أنه لَمْ يَكُنْ يرى رأيهم فأجمع عَلَى ذَلِكَ، فنادى بالرحيل،

<<  <  ج: ص:  >  >>