وخرج فعبر الجسر فصلى ركعتين بالقنطرة، ثُمَّ نزل دير عبد الرَّحْمَن، ثُمَّ دير أبي مُوسَى، ثُمَّ أخذ عَلَى قرية شاهي، ثُمَّ عَلَى دباها، ثُمَّ عَلَى شاطئ الفرات، فلقيه فِي مسيره ذَلِكَ منجم، أشار عَلَيْهِ بسير وقت من النهار، وَقَالَ لَهُ: إن سرت فِي غير ذَلِكَ الوقت لقيت أنت وأَصْحَابك ضرا شديدا فخالفه، وسار فِي الوقت الَّذِي نهاه عن السير فِيهِ، [فلما فرغ من النهر حمد اللَّه وأثنى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: لو سرنا فِي الساعة الَّتِي أمرنا بِهَا المنجم لقال الجهال الَّذِينَ لا يعلمون: سار فِي الساعة الَّتِي أمره بِهَا المنجم فظفر] .
قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي يُوسُف بن يَزِيدَ، عن عَبْد اللَّهِ بن عوف، قَالَ: لما أراد علي المسير إِلَى أهل النهر من الأنبار، قدم قيس بن سَعْدِ بْنِ عبادة وأمره أن يأتي المدائن فينزلها حَتَّى يأمره بأمره، ثُمَّ جَاءَ مقبلا إِلَيْهِم، ووافاه قيس وسعد بن مسعود الثقفي بالنهر، [وبعث إِلَى أهل النهر: ادفعوا إلينا قتلة إخواننا مِنْكُمْ نقتلهم بهم، ثُمَّ أنا تارككم وكاف عنكم حَتَّى ألقى أهل الشام، فلعل اللَّه يقلب قلوبكم، ويردكم إِلَى خير مما أنتم عَلَيْهِ من أمركم فبعثوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: كلنا قتلتهم، وكلنا نستحل دماءهم ودماءكم] .
قَالَ أَبُو مخنف: فَحَدَّثَنِي الْحَارِث بن حصيرة، عن عبد الرَّحْمَن بن عبيد أبي الكنود، أن قيس بن سَعْدِ بْنِ عبادة قَالَ لَهُمْ: عباد اللَّه، أخرجوا إلينا طلبتنا مِنْكُمْ، وادخلوا فِي هَذَا الأمر الَّذِي مِنْهُ خرجتم، وعودوا بنا إِلَى قتال عدونا وعدوكم، فإنكم ركبتم عظيما من الأمر، تشهدون علينا بالشرك، والشرك ظلم عظيم، وتسفكون دماء الْمُسْلِمِينَ، وتعدونهم مشركين! فَقَالَ عَبْد اللَّهِ بن شجرة السلمي: إن الحق قَدْ أضاء لنا، فلسنا نتابعكم أو تأتونا بمثل عمر، فَقَالَ: مَا نعلمه فينا غير صاحبنا، فهل تعلمونه فيكم؟ وَقَالَ: