للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخطبهم أَبُو أيوب خَالِد بن زَيْد الأَنْصَارِيّ، فَقَالَ: عباد اللَّه، إنا وإياكم عَلَى الحال الأولى الَّتِي كنا عَلَيْهَا، ليست بيننا وبينكم فرقة، فعلام تقاتلوننا؟ فَقَالُوا: إنا لو بايعناكم الْيَوْم حكمتم غدا قَالَ: فإني أنشدكم اللَّه أن تعجلوا فتنة العام مخافة مَا يأتي فِي قابل.

قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي مالك بن أعين، عن زَيْد بن وهب، أن عَلِيًّا أتى أهل النهر فوقف عَلَيْهِم فَقَالَ: أيتها العصابة الَّتِي أخرجتها عداوة المراء واللجاجة، وصدها عن الحق الهوى، وطمح بِهَا النزق، وأصبحت فِي اللبس والخطب العظيم، إني نذير لكم أن تصبحوا تلفيكم الأمة غدا صرعى بأثناء هَذَا النهر، وبأهضام هَذَا الغائط، بغير بينة من ربكم، وَلا برهان بين ألم تعلموا أني نهيتكم عن الحكومة، وأخبرتكم أن طلب القوم إياها مِنْكُمْ دهن ومكيدة لكم! ونبأتكم أن القوم ليسوا بأَصْحَاب دين وَلا قرآن، وأني أعرف بهم مِنْكُمْ، عرفتهم أطفالا ورجالا، فهم أهل المكر والغدر، وأنكم إن فارقتم رأيي جانبتم الحزم! فعصيتموني، حَتَّى أقررت بأن حكمت، فلما فعلت شرطت واستوثقت، فأخذت عَلَى الحكمين أن يحييا مَا أحيا القرآن، وأن يميتا مَا أمات القرآن، فاختلفا وخالفا حكم الكتاب والسنة، فنبذنا أمرهما، ونحن عَلَى أمرنا الأول، فما الَّذِي بكم؟ ومن أين أتيتم! قَالُوا:

إنا حكمنا، فلما حكمنا أثمنا، وكنا بِذَلِكَ كافرين، وَقَدْ تبنا فإن تبت كما تبنا فنحن مِنْكَ ومعك، وإن أبيت فاعتزلنا فإنا منابذوك عَلَى سواء إن اللَّه لا يحب الخائنين فَقَالَ علي: أصابكم حاصب، وَلا بقي مِنْكُمْ وابر! [أبعد إيماني برسول الله ص وهجرتي مَعَهُ، وجهادي فِي سبيل اللَّه، أشهد عَلَى نفسي بالكفر! لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ثُمَّ انصرف عَنْهُمْ] .

قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي أَبُو سلمة الزُّهْرِيّ- وكانت أمه بنت انس ابن مالك- أن عَلِيًّا قَالَ لأهل النهر: يَا هَؤُلاءِ، إن أنفسكم قَدْ سولت

<<  <  ج: ص:  >  >>