لكم فراق هَذِهِ الحكومة الَّتِي أنتم ابتدأتموها وسألتموها وأنا لها كاره، وأنبأتكم أن القوم سالوكموها مكيده ود هنا، فأبيتم علي إباء المخالفين، وعدلتم عني عدول النكداء العاصين، حَتَّى صرفت رأيي إِلَى رأيكم، وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ معاشر أخفاء الهام، سفهاء الأحلام، فلم آت- لا أبا لكم- حراما وَاللَّهِ مَا خبلتكم عن أموركم، وَلا أخفيت شَيْئًا من هَذَا الأمر عنكم، وَلا أوطأتكم عشوة، وَلا دنيت لكم الضراء، وإن كَانَ أمرنا لأمر الْمُسْلِمِينَ ظاهرا، فأجمع رأي ملئكم عَلَى أن اختاروا رجلين، فأخذنا عليهما أن يحكما بِمَا فِي القرآن وَلا يعدواه، فتاها وتركا الحق وهما يبصرانه، وَكَانَ الجور هواهما، وَقَدْ سبق استيثاقنا عليهما فِي الحكم بالعدل، والصد للحق سوء رأيهما، وجور حكمهما والثقة فِي أيدينا لأنفسنا حين خالفا سبيل الحق، وأتيا بِمَا لا يعرف، فبينوا لنا بماذا تستحلون قتالنا، والخروج من جماعتنا، إن اختار الناس رجلين أن تضعوا أسيافكم عَلَى عواتقكم، ثُمَّ تستعرضوا الناس، تضربون رقابهم، وتسفكون دماءهم! إن هَذَا لهو الخسران المبين وَاللَّهِ لو قتلتم عَلَى هَذَا دجاجة لعظم عِنْدَ اللَّه قتلها، فكيف بالنفس الَّتِي قتلها عِنْدَ اللَّه حرام! فتنادوا: لا تخاطبوهم، وَلا تكلموهم، وتهيئوا للقاء الرب، الرواح الرواح إِلَى الجنة! فخرج علي فعبأ الناس، فجعل عَلَى ميمنته حجر بن عدي، وعلى ميسرته شبث بن ربعي- أو معقل بن قيس الرياحي- وعلى الخيل أبا أيوب الأَنْصَارِيّ، وعلى الرجالة أبا قَتَادَة الأَنْصَارِيّ، وعلى أهل المدينة- وهم سبعمائة او ثمانمائه رجل- قيس بن سَعْدِ بْنِ عبادة.
قَالَ: وعبأت الخوارج، فجعلوا عَلَى ميمنتهم زَيْد بن حصين الطَّائِيّ، وعلى الميسرة شريح بن أوفى العبسي، وعلى خيلهم حمزة بن سنان الأسدي، وعلى الرجالة حُرْقُوص بن زهير السعدي