للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقا، وإن لكم علي حقا، فأما حقكم على فالنصيحة لكم مَا صحبتكم، وتوفير فيئكم عَلَيْكُمْ، وتعليمكم كيما لا تجهلوا، وتأديبكم كي تعلموا، وأما حقي عَلَيْكُمْ فالوفاء بالبيعة، والنصح لي فِي الغيب والمشهد، والإجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم، فإن يرد اللَّه بكم خيرا انتزعتم عما أكره، وتراجعوا إِلَى مَا أحب، تنالوا مَا تطلبون، وتدركوا مَا تأملون.

وَكَانَ غير أبي مخنف يقول: كَانَتِ الوقعة بين علي وأهل النهر سنة ثمان وثلاثين، وهذا القول عَلَيْهِ أكثر أهل السير.

ومما يصححه أَيْضًا مَا حَدَّثَنِي بِهِ عُمَارَةَ الأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا نعيم، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مريم أن شبث بن ربعي وابن الكواء خرجا من الْكُوفَة إِلَى حروراء، فأمر علي الناس أن يخرجوا بسلاحهم، فخرجوا إِلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى امتلأ بهم، فأرسل إِلَيْهِم: بئس مَا صنعتم حين تدخلون المسجد بسلاحكم! اذهبوا إِلَى جبانة مراد حَتَّى يأتيكم أمري.

قَالَ أَبُو مريم: فانطلقنا إِلَى جبانة مراد فكنا بِهَا ساعة من نهار، ثُمَّ بلغنا أن القوم قَدْ رجعوا وهم زاحفون قَالَ: فقلت: أنطلق أنا حَتَّى أنظر إِلَيْهِم، فانطلقت حَتَّى أتخلل صفوفهم، حَتَّى انتهيت إِلَى شبث بن ربعي وابن الكواء وهما واقفان متوركان عَلَى دابتيهما، وعندهما رسل علي وهم يناشدونهما اللَّه لما رجعا بِالنَّاسِ! ويقولون لَهُمْ: نعيذكم بِاللَّهِ أن تعجلوا بفتنة العام خشية عام قابل.

فقام رجل إِلَى بعض رسل علي فعقر دابته، فنزل الرجل وَهُوَ يسترجع، فحمل سرجه، فانطلق بِهِ وهم يقولون: مَا طلبنا إلا منابذتهم، وهم يناشدونهم اللَّه، فمكثنا ساعة، ثُمَّ انصرفوا إِلَى الْكُوفَةِ كأنه يوم فطر أو أضحى.

[قَالَ: وَكَانَ علي يحدثنا قبل ذَلِكَ أن قوما يخرجون من الإِسْلام يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، علامتهم رجل مخدج اليد] قَالَ: وسمعت ذَلِكَ مِنْهُ مرارا كثيرة، قَالَ: وسمعه نافع المخدج أَيْضًا- حَتَّى رأيته يتكره طعامه من كثرة مَا سمعه، يقول: وَكَانَ نافع معنا يصلي فِي المسجد بالنهار ويبيت فِيهِ بالليل، وَقَدْ كنت كسوته برنسا، فلقيته من الغد، فسألته: هل كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>