للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصيح، وأقسم أنك عندي ظنين، وتزعم أن أهل البلد قَدْ رفضوا رأيي وأمري، وندموا على اتباعى، فأولئك لك وللشيطان الرجيم أولياءه فحسبنا اللَّه رب العالمين، وتوكلنا عَلَى اللَّه رب العرش العظيم، والسلام.

قَالَ: أقبل عَمْرو بن الْعَاصِ حَتَّى قصد مصر، فقام مُحَمَّد بن أبي بكر فِي الناس، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى رَسُولِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ معاشر الْمُسْلِمِينَ والمؤمنين، فإن القوم الَّذِينَ كَانُوا ينتهكون الحرمة، وينعشون الضلال، ويشبون نار الْفِتْنَة، ويتسلطون بالجبرية، قَدْ نصبوا لكم العداوة، وساروا إليكم بالجنود عباد اللَّه! فمن اراد الجنه والمغفره فليخرج الى هؤلاء القوم فليجاهدهم فِي اللَّه، انتدبوا إِلَى هَؤُلاءِ القوم رحمكم الله مع كنانه ابن بشر.

قَالَ: فانتدب مَعَهُ نحو من ألفي رجل، وخرج مُحَمَّد فِي ألفي رجل.

واستقبل عَمْرو بن الْعَاصِ كنانة وَهُوَ عَلَى مقدمة مُحَمَّد، فأقبل عَمْرو نحو كنانة، فلما دنا من كنانة سرح الكتائب كتيبة بعد كتيبة، فجعل كنانة لا تأتيه كتيبة من كتائب أهل الشام إلا شد عَلَيْهَا بمن مَعَهُ، فيضربها حتى يقربها لعمرو بن الْعَاصِ ففعل ذَلِكَ مرارا، فلما رَأَى ذَلِكَ عَمْرو بعث إِلَى مُعَاوِيَةَ بن حديج السكوني، فأتاه فِي مثل الدهم، فأحاط بكنانة وأَصْحَابه، واجتمع أهل الشام عَلَيْهِم من كل جانب، فلما رَأَى ذَلِكَ كنانة بن بشر نزل عن فرسه، ونزل أَصْحَابه وكنانة يقول: «وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ» فصار بهم بسيفه حَتَّى استشهد رحمه اللَّه وأقبل عَمْرو بن الْعَاصِ نحو مُحَمَّد بن أبي بكر، وَقَدْ تفرق عنه أَصْحَابه لما بلغهم قتل كنانة، حَتَّى بقي وما مَعَهُ أحد من أَصْحَابه فلما رَأَى ذَلِكَ مُحَمَّد خرج يمشي فِي الطريق حَتَّى انتهى إِلَى خربة فِي ناحية الطريق، فأوى إِلَيْهَا، وجاء عَمْرو بن الْعَاصِ حَتَّى دخل الفسطاط وخرج مُعَاوِيَة بن حديج في

<<  <  ج: ص:  >  >>