رأيت مَا جئناك فِيهِ حظا لنفسك قبلته، وإن رأيت فِيمَا أسمعه مِنْكَ أمرا أرجو فِيهِ العافية لنا ولك لم أردده عَلَيْك قَالَ: فانزل بنا، قَالَ: فأقبل إلينا زياد فَقَالَ: انزلوا بنا عَلَى هَذَا الماء، قَالَ: فأقبلنا حَتَّى إذا انتهينا إِلَى الماء، نزلناه فما هُوَ إلا أن نزلنا فتفرقنا، ثُمَّ تحلقنا من عشرة وتسعة وثمانية وسبعة، يضعون طعامهم بين أيديهم فيأكلون، ثُمَّ يقومون إِلَى ذَلِكَ الماء فيشربون وَقَالَ لنا زياد: علقوا على خيولكم، فعلقنا عليها مخاليها، ووقف زياد بيننا وبين القوم، وانطلق القوم فتنحوا ناحية، ثُمَّ نزلوا، وأقبل إلينا زياد، فلما رَأَى تفرقنا وتحلقنا قَالَ: سبحان اللَّه، أنتم هل حرب؟ وَاللَّهِ لو أن هَؤُلاءِ جاءوكم الساعة عَلَى هَذِهِ الحال مَا أرادوا من غيركم أفضل من حالكم الَّتِي أنتم عَلَيْهَا.
اعجلوا، قوموا إِلَى خيلكم، فأسرعنا، فتحشحشنا فمنا من يتنفض، ثُمَّ يتوضأ، ومنا من يشرب، ومنا من يسقي فرسه، حَتَّى إذا فرغنا من ذَلِكَ كله، أتانا زياد وفي يده عرق ينهشه، فنهش مِنْهُ نهشتين أو ثلاثا، وأتى بإداوة فِيهَا ماء، فشرب مِنْهُ، ثُمَّ ألقى العرق من يده ثُمَّ قَالَ: يَا هَؤُلاءِ، انا قد لقينا القوم، وو الله إن عدتكم كعدتهم، وَلَقَدْ حزرتكم وإياهم فما أظن أحد الفريقين يَزِيد عَلَى الآخر بخمسة نفر، وإني وَاللَّهِ مَا أَرَى أمرهم وأمركم إلا يرجع إِلَى القتال، فإن كَانَ إِلَى ذَلِكَ مَا يصير بكم وبهم الأمور فلا تكونوا أعجز الفريقين ثُمَّ قَالَ لنا: ليأخذ كل امرئ مِنْكُمْ بعنان فرسه حَتَّى أدنو منهم، وادعوا إلي صاحبهم فأكلمه، فإن بايعني عَلَى مَا أريد وإلا فإذا دعوتكم فاستووا عَلَى متون الخيل، ثُمَّ أقبلوا إلي معا غير متفرقين.
قَالَ: فاستقدم أمامنا وأنا مَعَهُ، فأسمع رجلا من القوم يقول: جاءكم القوم وهم كالون معيون، وَأَنْتُمْ جامون مستريحون، فتركتموهم حَتَّى نزلوا وأكلوا وشربوا واستراحوا، هَذَا وَاللَّهِ سوء الرأي! وَاللَّهِ لا يرجع الأمر بكم وبهم إلا إِلَى القتال فسكتوا، وانتهينا إِلَيْهِم، فدعا زياد بن خصفة صاحبهم، فَقَالَ:
اعتزل بنا فلننظر في امرنا هذا، فو الله لقد أقبل إلي زياد فِي خمسة، فقلت لزياد: ادع ثلاثة من أَصْحَابنا حَتَّى نلقاهم فِي عدتهم، فَقَالَ لي: ادع من