للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فقام إِلَيْهِ أخي كعب بن فقيم، فقال: اصبت- ارشدك الله- رأيك! فو الله إني لأرجو أن ينصرنا اللَّه عَلَيْهِم، وإن كَانَتِ الأخرى فإن فِي الموت عَلَى الحق تعزية عن الدُّنْيَا فَقَالَ: سيروا عَلَى بركة الله، قال: فسرنا وو الله مَا زال معقل لي مكرما وادّا، مَا يعدل بي من الجند أحدا، قَالَ وَلا يزال يقول: وكيف قلت: إن فِي الموت على الحق تعزيه عن الدنيا؟

صدقت والله واحسنت ووفقت! فو الله مَا سرنا يَوْمًا حَتَّى أدركنا فيج يشتد بصحيفة فِي يده من عِنْدَ عَبْد اللَّهِ بن عباس: أَمَّا بَعْدُ، فإن أدركك رسولي بالمكان الَّذِي كنت فِيهِ مقيما، أو أدركك وَقَدْ شخصت مِنْهُ، فلا تبرح المكان الَّذِي ينتهي فِيهِ إليك رسولي، واثبت فِيهِ حَتَّى يقدم عَلَيْك بعثنا الَّذِي وجهناه إليك، فإني قَدْ بعثت إليك خَالِد بن مَعْدَانَ الطَّائِيّ، وَهُوَ من أهل الإصلاح والدين والبأس والنجدة، فاسمع مِنْهُ، واعرف ذَلِكَ لَهُ، والسلام.

فقرأ معقل الكتاب عَلَى الناس، وحمد اللَّه، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الوجه هالهم.

قَالَ: فأقمنا حَتَّى قدم الطَّائِيّ علينا، وجاء حَتَّى دخل عَلَى صاحبنا، فسلم عَلَيْهِ بالإمرة، واجتمعا جميعا فِي عسكر واحد قَالَ: ثُمَّ إنا خرجنا فسرنا إِلَيْهِم، فأخذوا يرتفعون نحو جبال رامهرمز يريدون قلعة بِهَا حصينة وجاءنا أهل البلد فأخبرونا بِذَلِكَ، فخرجنا فِي آثارهم نتبعهم، فلحقناهم وَقَدْ دنوا من الجبل، فصففنا لَهُمْ، ثُمَّ أقبلنا إِلَيْهِم، فجعل معقل عَلَى ميمنته يَزِيد بن المغفل، وعلى ميسرته منجاب بن راشد الضبي من أهل الْبَصْرَة، وصف الخريت بن راشد الناجي من مَعَهُ من العرب، فكانوا ميمنة، وجعل أهل البلد والعلوج ومن أراد كسر الخراج وأتباعهم من الأكراد ميسرة.

قَالَ: وسار فينا معقل بن قيس يحرضنا ويقول لنا: عباد اللَّه! لا تعدلوا القوم بأبصاركم، غضوا الأبصار، وأقلوا الكلام، ووطنوا أنفسكم عَلَى الطعن والضرب، وأبشروا فِي قتالهم بالأجر العظيم، إنما تقاتلون مارقة مرقت من الدين، وعلوجا منعوا الخراج وأكرادا، انظروني فإذا حملت فشدوا شدة رجل واحد فمر فِي الصف كله يقول لَهُمْ هَذِهِ المقالة، حَتَّى إذا مر بِالنَّاسِ كلهم أقبل حَتَّى وقف وسط الصف فِي القلب، ونظرنا إِلَيْهِ مَا يصنع!

<<  <  ج: ص:  >  >>