للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ذَلِكَ العام أَيْضًا، فكان عَلَيْهِم عقالان، فسار إِلَيْهِم معقل بن قيس فِي ذَلِكَ الجيش من أهل الْكُوفَة وأهل الْبَصْرَة، فأخذ عَلَى فارس حَتَّى انتهى إِلَى أسياف البحر، فلما سمع الخريت بن راشد بمسيره إِلَيْهِ أقبل عَلَى من كَانَ مَعَهُ من أَصْحَابه ممن يرى رأي الخوارج، فأسر لَهُمْ: إني أَرَى رأيكم، فإن عَلِيًّا لن ينبغي لَهُ أن يحكم الرجال فِي أمر اللَّه وَقَالَ للآخرين منددا لَهُمْ:

إن عَلِيًّا حكم حكما ورضي بِهِ، فخلعه حكمه الَّذِي ارتضاه لنفسه، فقد رضيت أنا من قضائه وحكمه مَا ارتضاه لنفسه، وهذا كَانَ الرأي الَّذِي خرج عَلَيْهِ من الْكُوفَة وَقَالَ سرا لمن يرى رأي عُثْمَان: أنا وَاللَّهِ عَلَى رأيكم، قَدْ وَاللَّهِ قتل عُثْمَان مظلوما، فأرضى كل صنف مِنْهُمْ، وأراهم أنه معهم، وَقَالَ لمن منع الصدقة: شدوا أيديكم عَلَى صدقاتكم، وصلوا بِهَا أرحامكم، وعودوا بِهَا إن شئتم عَلَى فقرائكم، وَقَدْ كَانَ فِيهِمْ نصارى كثير قَدْ أسلموا، فلما اختلف الناس بينهم قَالُوا: وَاللَّهِ لديننا الَّذِي خرجنا مِنْهُ خير وأهدى من دين هَؤُلاءِ الَّذِي هم عَلَيْهِ، مَا ينهاهم دينهم عن سفك الدماء، وإخافة السبيل، وأخذ الأموال فرجعوا إِلَى دينهم، فلقي الخريت أُولَئِكَ، فَقَالَ لَهُمْ: ويحكم! أتدرون حكم علي فيمن أسلم من النصارى، ثُمَّ رجع إِلَى نصرانيته؟ لا وَاللَّهِ مَا يسمع لَهُمْ قولا، وَلا يرى لَهُمْ عذرا، وَلا يقبل مِنْهُمْ توبة وَلا يدعوهم إِلَيْهَا، وإن حكمه فِيهِمْ لضرب العنق ساعة يستمكن مِنْهُمْ.

فما زال حَتَّى جمعهم وخدعهم، وجاء من كَانَ من بني ناجية ومن كَانَ فِي تِلَكَ الناحية من غيرهم، واجتمع إِلَيْهِم ناس كثير.

فَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَابٍ، عَنِ الْحُرِّ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، قَالَ:

حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى بَنِي نَاجِيَةَ، فَقَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ، فَوَجَدْنَاهُمْ عَلَى ثَلاثِ فِرَقٍ، فَقَالَ أَمِيرُنَا لِفِرْقَةٍ مِنْهُمْ: مَا أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ قَوْمٌ نَصَارَى، لَمْ نَرَ دينا افضل

<<  <  ج: ص:  >  >>