الرجال: يَا أَبَا الفضل، يَا حامي الرجال، وفكاك العناة، أمنن علينا فاشترنا وأعتقنا، فَقَالَ مصقله: اقسم بالله لا تصدقن عَلَيْهِم، إن اللَّه يجزي المتصدقين فبلغها عنه معقل، فَقَالَ: وَاللَّهِ لو أعلم أنه قاله توجعا لهم، وزراء عَلَيْكُمْ، لضربت عنقه، ولو كَانَ فِي ذَلِكَ تفاني تميم وبكر بن وائل ثُمَّ إن مصقلة بعث ذهل بن الْحَارِث الذهلي إِلَى معقل بن قيس فَقَالَ لَهُ: بعني بني ناجية، فَقَالَ: نعم، أبيعكم بألف ألف، ودفعهم إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: عجل بالمال إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: أنا باعث الآن بصدر، ثُمَّ أبعث بصدر آخر كذلك، حَتَّى لا يبقى مِنْهُ شَيْء إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى وأقبل معقل بن قيس إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، وأخبره بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: أحسنت وأصبت، وانتظر علي مصقلة أن يبعث إِلَيْهِ بالمال، وبلغ عَلِيًّا أن مصقلة خلى سبيل الأسارى ولم يسألهم أن يعينوه فِي فكاك أنفسهم بشيء، فَقَالَ: مَا أظن مصقلة إلا قَدْ تحمل حمالة، أَلا أراكم سترونه عن قريب ملبدا ثُمَّ إنه كتب إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فإن من أعظم الخيانة خيانة الأمة، وأعظم الغش عَلَى أهل المصر غش الامام، وعندك من حق المسلمين خمسمائة ألف، فابعث بِهَا إلي ساعة يأتيك رسولي، وإلا فأقبل حين تنظر فِي كتابي، فإني قَدْ تقدمت إِلَى رسولي إليك أَلا يدعك أن تقيم ساعة واحدة بعد قدومه عَلَيْك إلا أن تبعث بالمال، والسلام عَلَيْك.
وَكَانَ الرسول أَبُو جرة الحنفي، فَقَالَ لَهُ أَبُو جرة: إن يبعث بالمال الساعة وإلا فاشخص إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فلما قرأ كتابه أقبل حَتَّى نزل الْبَصْرَة، فمكث بِهَا أياما ثُمَّ إن ابن عَبَّاس سأله المال، وَكَانَ عمال الْبَصْرَة يحملون من كور الْبَصْرَة إِلَى ابن عَبَّاس، ويكون ابن عَبَّاس هُوَ الَّذِي يبعث بِهِ إِلَى علي، فَقَالَ لَهُ: نعم، أنظرني أياما، ثم اقبل حتى اتى عليا فأقره أياما، ثُمَّ سأله المال، فأدى إِلَيْهِ مائتي ألف، ثُمَّ إنه عجز فلم يقدر عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو مخنف: وَحَدَّثَنِي أَبُو الصلت الأعور، عن ذهل بن الْحَارِث