يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، كُلَّمَا سَمِعْتُمْ بِمِنْسَرٍ مِنْ مناسر اهل الشام اظلكم واغلق بابه انجحر كل امرئ منكم في بيته انْجِحَارَ الضَّبِّ فِي جُحْرِهِ وَالضَّبُعِ فِي وِجَارِهَا، الْمَغْرُورُ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ، وَلَمَنْ فَازَ بِكُمْ فَازَ بِالسَّهْمِ الأَخْيَبِ.
لا أَحْرَارٌ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَلا إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ النَّجَاءِ، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! مَاذَا مُنِيتُ بِهِ مِنْكُمْ! عُمْيٌ لا تُبْصِرُونَ، وَبُكْمٌ لا تَنْطِقُونَ، وَصُمٌّ لا تَسْتَمِعُونَ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.
رجع الحديث إِلَى حديث عوانة قَالَ: ووجه مُعَاوِيَة فِي هَذِهِ السنة سُفْيَان بن عوف فِي ستة آلاف رجل، وأمره أن يأتي هيت فيقطعها، وأن يغير عَلَيْهَا، ثُمَّ يمضى حَتَّى يأتي الأنبار والمدائن فيوقع بأهلها، فسار حَتَّى أتى هيت فلم يجد بِهَا أحدا، ثُمَّ اتى الأنبار وبها مسلحه لعلى تكون خمسمائة رجل، وَقَدْ تفرقوا فلم يبق مِنْهُمْ إلا مائة رجل، فقاتلهم، فصبر لَهُمْ أَصْحَاب علي مع قلتهم، ثُمَّ حملت عَلَيْهِم الخيل والرجالة، فقتلوا صاحب المسلحة، وَهُوَ أشرس بن حسان البكري فِي ثَلاثِينَ رجلا، واحتملوا مَا كَانَ فِي الأنبار من الأموال وأموال أهلها، ورجعوا إِلَى مُعَاوِيَةَ [وبلغ الخبر عَلِيًّا، فخرج حَتَّى أتى النخيلة، فَقَالَ لَهُ الناس: نحن نكفيك، قَالَ: مَا تكفونني وَلا أنفسكم،] وسرح سَعِيد ابن قيس فِي أثر القوم، فخرج فِي طلبهم حَتَّى جاز هيت، فلم يلحقهم فرجع.
قَالَ: وفيها وجه مُعَاوِيَة أَيْضًا عَبْد اللَّهِ بن مسعده الفزارى في الف وسبعمائة رجل إِلَى تيماء، وأمره أن يصدق من مر بِهِ من أهل البوادي، وأن يقتل من امتنع من عطائه صدقة ماله، ثُمَّ يأتي مكة والمدينة والحجاز،