عَلِيّ بن أبي شمر بن الحصين: أفمؤمننا أنت من الإذن بنا هَذِهِ الليلة وأنت محسن، فإن لنا قرابة وحقا؟ قَالَ: نعم، أنتم آمنون من قبلي هَذِهِ الليلة وليالي الدهر كلها، ثُمَّ انطلق حَتَّى دخل الْكُوفَة وأدخل أهله مَعَهُ وَقَالَ الآخرون بعضهم لبعض: إنا لا نأمن أن يؤذن بنا هَذَا، فأخرجوا بنا من هَذَا الموضع ساعتنا هَذِهِ، قَالَ: فصلوا المغرب، ثُمَّ خرجوا من الحيرة متفرقين، فَقَالَ لَهُمْ صاحبهم: الحقوا بي فِي دار سليم بن محدوج العبدي من بني سلمة، فخرج من الحيرة، فمضى حَتَّى أتى عبد القيس، فأتى بني سلمة، فبعث إِلَى سليم بن محدوج- وَكَانَ لَهُ صهرا- فأتاه، فأدخله وأَصْحَابا لَهُ خمسة أو ستة، ورجع حجار بن أبجر إِلَى رحله، فأخذوا ينتظرون مِنْهُ أن يبلغهم مِنْهُ ذكر لَهُمْ عِنْدَ السلطان أو الناس، فما ذكرهم عِنْدَ أحد مِنْهُمْ، وَلا بلغهم عنه فِي ذَلِكَ شَيْء يكرهونه فبلغ الخبر الْمُغِيرَة بن شُعْبَةَ أن الخوارج خارجة عَلَيْهِ فِي أيامه تِلَكَ، وأنهم قَدِ اجتمعوا عَلَى رجل مِنْهُمْ، فقام الْمُغِيرَة بن شُعْبَةَ فِي الناس، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فقد علمتم أَيُّهَا النَّاسُ أني لم أزل أحب لجماعتكم العافية، وأكف عنكم الأذى، وإني وَاللَّهِ لقد خشيت أن يكون ذَلِكَ أدب سوء لسفهائكم، فأما الحلماء الأتقياء فلا، وايم اللَّه لقد خشيت الا أجد بدا من أن يعصب الحليم التقي بذنب السفيه الجاهل، فكفوا أَيُّهَا النَّاسُ سفهاءكم قبل أن يشمل البلاء عوامكم وَقَدْ ذكر لي أن رجالا مِنْكُمْ يريدون أن يظهروا فِي المصر بالشقاق والخلاف، وايم اللَّه لا يخرجون فِي حي من أحياء العرب فِي هَذَا المصر إلا أبدتهم وجعلتهم نكالا لمن بعدهم، فنظر قوم لأنفسهم قبل الندم، فقد قمت هَذَا المقام إرادة الحجة والإعذار.
فقام إِلَيْهِ معقل بن قيس الرياحي فَقَالَ: أيها الأمير، هل سمي لك أحد من هَؤُلاءِ القوم؟ فإن كَانُوا سموا لك فأعلمنا من هم؟ فإن كَانُوا منا كفيناكهم، وإن كَانُوا من غيرنا أمرت أهل الطاعة من أهل