فدخل عَامِر عَلَى مُعَاوِيَة فأخبره بأمر الرجلين قَالَ: وقام يَزِيد بن أسد البجلي فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هب لي ابني عمي- وَقَدْ كَانَ جرير بن عَبْدِ اللَّهِ كتب فيهما: ان امرءين من قومي من أهل الجماعة والرأي الْحَسَن، سعى بهما ساع ظنين إِلَى زياد، فبعث بهما فِي النفر الكوفيين الَّذِينَ وجه بهم زياد إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وهما ممن لا يحدث حدثا فِي الإِسْلام وَلا بغيا عَلَى الخليفة، فلينفعهما ذَلِكَ عِنْدَ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ- فلما سألهما يَزِيد ذكر مُعَاوِيَة كتاب جرير، فَقَالَ: قَدْ كتب إلي ابن عمك فيهما جرير، محسنا عليهما الثناء، وَهُوَ أهل أن يصدق قوله، وتقبل نصيحته، وَقَدْ سألتني ابني عمك، فهما لك وطلب وائل بن حجر فِي الأرقم فتركه لَهُ، وطلب أَبُو الأعور السلمي فِي عتبة بن الأخنس فوهبه لَهُ، وطلب حمرة بن مالك الهمدانى في سعيد ابن نمران الهمداني فوهبه لَهُ، وكلمه حبيب بن مسلمة فِي ابن حوية، فخلى سبيله.
وقام مالك بن هبيرة السكوني، فَقَالَ لمعاوية: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، دع لي ابن عمي حجرا، فَقَالَ: إن ابن ابن عمك حجرا رأس القوم، وأخاف إن خليت سبيله أن يفسد علي مصري، فيضطرنا غدا إِلَى أن نشخصك وأَصْحَابك إِلَيْهِ بِالْعِرَاقِ فَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أنصفتني يَا مُعَاوِيَة، قاتلت معك ابن عمك فتلقاني مِنْهُمْ يوم كيوم صفين، حَتَّى ظفرت كفك، وعلا كعبك ولم تخف الدوائر، ثُمَّ سألتك ابن عمي فسطوت وبسطت من القول بِمَا لا أنتفع بِهِ، وتخوفت فِيمَا زعمت عاقبة الدوائر! ثُمَّ انصرف فجلس فِي بيته، فبعث مُعَاوِيَة هدبة بن فياض القضاعي من بنى سلامان بن سعد والحصين ابن عَبْدِ اللَّهِ الكلابي وأبا شريف البدي، فأتوهم عِنْدَ المساء، فَقَالَ الخثعمي حين رَأَى الأعور مقبلا: يقتل نصفنا وينجو نصفنا، فَقَالَ سَعِيد بن نمران:
اللَّهُمَّ اجعلني ممن ينجو وأنت عني راض، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن حسان العنزي: اللهم اجعلنى ممن يكرم بهوانهم وأنت عني راض، فطالما