للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرضت نفسي للقتل، فأبى اللَّه إلا مَا أراه! فَجَاءَ رسول مُعَاوِيَة إِلَيْهِم بتخلية ستة وبقتل ثمانية، فَقَالَ لَهُمْ رسول مُعَاوِيَة: إنا قَدْ أمرنا أن نعرض عَلَيْكُمُ البراءة من علي واللعن لَهُ، فإن فعلتم تركناكم، وإن أبيتم قتلناكم، وإن أَمِير الْمُؤْمِنِينَ يزعم أن دماءكم قَدْ حلت لَهُ بشهادة أهل مصركم عَلَيْكُمْ، غير أنه قَدْ عفا عن ذَلِكَ، فابرءوا من هَذَا الرجل نخل سبيلكم قَالُوا: اللَّهُمَّ إنا لسنا فاعلي ذَلِكَ فأمر بقبورهم فحفرت، وأدنيت أكفانهم، وقاموا الليل كله يصلون، فلما أصبحوا قَالَ أَصْحَاب مُعَاوِيَة: يَا هَؤُلاءِ، لقد رأيناكم البارحة قَدْ أطلتم الصَّلاة، وأحسنتم الدعاء، فأخبرونا مَا قولكم فِي عُثْمَان؟ قَالُوا: هُوَ أول من جار فِي الحكم، وعمل بغير الحق، فَقَالَ أَصْحَاب مُعَاوِيَة: أَمِير الْمُؤْمِنِينَ كَانَ أعلم بكم، ثُمَّ قاموا إِلَيْهِم فَقَالُوا: تبرءون من هَذَا الرجل! قَالُوا: بل نتولاه ونتبرأ ممن تبرأ مِنْهُ، فأخذ كل رجل مِنْهُمْ رجلا ليقتله، ووقع قبيصة بن ضبيعة فِي يدي أبي شريف البدي، فَقَالَ لَهُ قبيصة: ان الشربين قومي وقومك أمن، فليقتلني سواك، فَقَالَ لَهُ: برتك رحم! فأخذ الحضرمي فقتله، وقتل القضاعي قبيصة بن ضبيعة.

قَالَ: ثُمَّ إن حجرا قَالَ لَهُمْ: دعوني أتوضأ، قَالُوا لَهُ: توضأ، فلما أن توضأ قَالَ لَهُمْ: دعوني أصل ركعتين فايمن اللَّه مَا توضأت قط إلا صليت ركعتين، قالوا: لتصل، فصلى، ثُمَّ انصرف فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا صليت صلاة قط أقصر منها، ولولا أن تروا أن مَا بي جزع من الموت لأحببت أن أستكثر منها ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إنا نستعديك عَلَى أمتنا، فإن أهل الْكُوفَة شهدوا علينا، وإن أهل الشام يقتلوننا، أما وَاللَّهِ لَئِنْ قتلتموني بِهَا إني لأول فارس مِنَ الْمُسْلِمِينَ هلك فِي واديها، وأول رجل مِنَ الْمُسْلِمِينَ نبحته كلابها فمشى إِلَيْهِ الأعور هدبة بن فياض بالسيف، فأرعدت خصائله، فَقَالَ: كلا، زعمت

<<  <  ج: ص:  >  >>