للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ الْحُسَيْن: فإني ذاهب يَا أخي، قَالَ: فانزل مكة فإن اطمأنت بك الدار فسبيل ذَلِكَ، وإن نبت بك لحقت بالرمال، وشعف الجبال، وخرجت من بلد إِلَى بلد حَتَّى تنظر إِلَى مَا يصير أمر الناس، وتعرف عند ذلك الرأي، فإنك اصوب ما تكون رأيا وأحزمه عملا حين تستقبل الأمور استقبالا، وَلا تكون الأمور عَلَيْك أبدا أشكل منها حين تستدبرها استدبارا، [قَالَ:

يَا أخي، قَدْ نصحت فأشفقت، فأرجو أن يكون رأيك سديدا موفقا] .

قَالَ أَبُو مخنف: وَحَدَّثَنِي عَبْد الْمَلِكِ بن نوفل بن مساحق، عن أبي سعد المقبري، قَالَ: نظرت إِلَى الْحُسَيْن داخلا مسجد الْمَدِينَة وإنه ليمشي وَهُوَ معتمد عَلَى رجلين، يعتمد عَلَى هَذَا مرة وعلى هَذَا مرة، وَهُوَ يتمثل بقول ابن مفرغ:

لا ذعرت السوام فِي فلق الصبح ... مغيرا وَلا دعيت يزيدا

يوم أعطى من المهابة ضيما ... والمنايا يرصدنني أن أحيدا

قَالَ: فقلت فِي نفسي: وَاللَّهِ مَا تمثل بهذين البيتين إلا لشيء يريد، قَالَ: فما مكث إلا يومين حَتَّى بلغني أنه سار إِلَى مكة.

ثُمَّ إن الْوَلِيد بعث إِلَى عَبْد اللَّهِ بن عُمَرَ فَقَالَ: بايع ليزيد، فَقَالَ: إذا بايع الناس بايعت، فَقَالَ رجل: مَا يمنعك أن تبايع؟ انما تريد ان يختلف الناس فيقتتلوا ويتفانوا، فإذا جهدهم ذَلِكَ قَالُوا: عَلَيْكُمْ بعبد اللَّه بن عُمَرَ، لم يبق غيره، بايعوه! قَالَ عَبْد اللَّهِ: مَا أحب أن يقتتلوا وَلا يختلفوا وَلا يتفانوا، ولكن إذا بايع الناس ولم يبق غيري بايعت، قَالَ: فتركوه وكانوا لا يتخوفونه

<<  <  ج: ص:  >  >>