للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع هُوَ وأخوه جَعْفَر، ليس مَعَهُمَا ثالث، وتجنب الطريق الأعظم مخافة الطلب، وتوجه نحو مكة، فلما أصبح بعث إِلَيْهِ الْوَلِيد فوجده قَدْ خرج، فَقَالَ مَرْوَان: وَاللَّهِ إن أخطأ مكة فسرح فِي إثره الرجال، فبعث راكبا من موالي بني أُمَيَّة فِي ثمانين راكبا، فطلبوه فلم يقدروا عَلَيْهِ، فرجعوا، فتشاغلوا عن حُسَيْن بطلب عَبْد اللَّهِ يومهم ذَلِكَ حَتَّى أمسوا، ثُمَّ بعث الرجال إِلَى حُسَيْن عِنْدَ المساء فَقَالَ: أصبحوا ثُمَّ ترون ونرى، فكفوا عنه تِلَكَ الليلة، ولم يلحوا عَلَيْهِ، فخرج حُسَيْن من تحت ليلته، وَهِيَ ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ستين.

وَكَانَ مخرج ابن الزُّبَيْر قبله بليلة، خرج ليلة السبت فأخذ طريق الفرع، فبينا عَبْد اللَّهِ بن الزُّبَيْرِ يساير أخاه جعفرا إذ تمثل جَعْفَر بقول صبرة الحنظلي:

وكل بني أم سيمسون ليلة ... ولم يبق من أعقابهم غير واحد

فَقَالَ عَبْد اللَّهِ! سبحان اللَّه، مَا أردت إِلَى مَا أسمع يَا أخي! قَالَ: وَاللَّهِ يَا أخي مَا أردت بِهِ شَيْئًا مما تكره، فَقَالَ: فذاك وَاللَّهِ أكره إلي أن يكون جَاءَ عَلَى لسانك مِنْ غَيْرِ تعمد- قَالَ: وكأنه تطير مِنْهُ- وأما الْحُسَيْن فإنه خرج ببنيه وإخوته وبني أخيه وجل اهل بيته، الا محمد بن الحنفية فإنه قَالَ لَهُ: يَا أخي، أنت أحب الناس إلي، وأعزهم علي، ولست أدخر النصيحة لأحد من الخلق أحق بِهَا مِنْكَ، تنح بتبعتك عن يَزِيد بن مُعَاوِيَة وعن الأمصار مَا استطعت، ثُمَّ ابعث رسلك إِلَى النَّاسِ فادعهم إِلَى نفسك فإن بايعوا لك حمدت اللَّه عَلَى ذَلِكَ، وإن أجمع الناس عَلَى غيرك لم ينقص اللَّه بِذَلِكَ دينك وَلا عقلك، وَلا يذهب بِهِ مروءتك وَلا فضلك، إني أخاف أن تدخل مصرا من هَذِهِ الأمصار وتأتي جماعة مِنَ النَّاسِ، فيختلفون بينهم، فمنهم طائفة معك، وأخرى عَلَيْك، فيقتتلون فتكون لأول الأسنة، فإذا خير هَذِهِ الأمة كلها نفسا وأبا، وأما أضيعها دما وأذلها أهلا، قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>