وَلا أراك تجتزئ بِهَا مني سرا دون أن نظهرها عَلَى رءوس الناس علانية، قَالَ: أجل،] قَالَ: فإذا خرجت إِلَى النَّاسِ فدعوتهم إِلَى البيعة دعوتنا مع الناس فكان أمرا واحدا، فَقَالَ لَهُ الْوَلِيد- وَكَانَ يحب العافية: فانصرف عَلَى اسم اللَّه حَتَّى تأتينا مع جماعة الناس، فَقَالَ لَهُ مَرْوَان: وَاللَّهِ لَئِنْ فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت مِنْهُ عَلَى مثلها أبدا حَتَّى تكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل، وَلا يخرج من عندك حَتَّى يبايع أو تضرب عنقه، فوثب عِنْدَ ذلك الحسين، [فقال: يا بن الزرقاء، أنت تقتلني أم هُوَ! كذبت وَاللَّهِ وأثمت،] ثُمَّ خرج فمر بأَصْحَابه، فخرجوا مَعَهُ حَتَّى أتى منزله فَقَالَ مَرْوَان للوليد:
عصيتني، لا وَاللَّهِ لا يمكنك من مثلها من نفسه أبدا، قَالَ الْوَلِيد: وبخ غيرك يَا مَرْوَان، إنك اخترت لي الَّتِي فِيهَا هلاك ديني، وَاللَّهِ مَا أحب أن لي مَا طلعت عَلَيْهِ الشمس وغربت عنه من مال الدُّنْيَا وملكها، وأني قتلت حسينا، سبحان اللَّه! أقتل حسينا إن قَالَ: لا أبايع! وَاللَّهِ إني لا أظن امرأً يحاسب بدم حُسَيْن لخفيف الميزان عِنْدَ اللَّه يوم الْقِيَامَة فَقَالَ لَهُ مَرْوَان: فإذا كَانَ هَذَا رأيك فقد أصبت فِيمَا صنعت، يقول هَذَا لَهُ وَهُوَ غير الحامد لَهُ عَلَى رأيه.
وأما ابن الزُّبَيْر، فَقَالَ: الآن آتيكم، ثُمَّ أتى داره فكمن فِيهَا، فبعث الْوَلِيد إِلَيْهِ فوجده مجتمعا فِي أَصْحَابه متحرزا، فألح عَلَيْهِ بكثرة الرسل والرجال فِي إثر الرجال، فأما حُسَيْن فَقَالَ: كف حَتَّى تنظر وننظر، وترى ونرى، وأما ابن الزُّبَيْر فَقَالَ: لا تعجلوني فإني آتيكم، أمهلوني، فألحوا عليهما عشيتهما تِلَكَ كلها وأول ليلهما، وكانوا عَلَى حُسَيْن أشد إبقاء، وبعث الْوَلِيد إِلَى ابن الزُّبَيْر موالي لَهُ فشتموه وصاحوا به: يا بن الكاهلية، وَاللَّهِ لتأتين الأمير أو ليقتلنك، فلبث بِذَلِكَ نهاره كله وأول ليله يقول: الآن أجيء، فإذا استحثوه قَالَ: وَاللَّهِ لقد استربت بكثرة الإرسال، وتتابع هَذِهِ الرجال، فلا تعجلوني حَتَّى أبعث إِلَى الأمير من يأتيني برأيه وأمره، فبعث إِلَيْهِ أخاه جَعْفَر بن الزُّبَيْرِ فَقَالَ: رحمك اللَّه! كف عن عَبْد اللَّهِ فإنك قَدْ أفزعته وذعرته بكثرة رسلك، وَهُوَ آتيك غدا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فمر رسلك فلينصرفوا عنا فبعث إِلَيْهِم فانصرفوا، وخرج ابن الزُّبَيْر من تحت الليل فأخذ طريق