قَالَ أَبُو مخنف: عن أبي جناب الكلبي، عن عدي بن حرملة، [عن عبد الله بن سليم والمذري بن المشمعل الأسديين، قالا: فنظر إلينا الْحُسَيْن فَقَالَ: لا خير فِي العيش بعد هَؤُلاءِ،] قَالا: فعلمنا أنه قَدْ عزم لَهُ رأيه عَلَى المسير، قَالا: فقلنا: خار اللَّه لك! قَالا: فَقَالَ: رحمكما اللَّه! قَالا:
فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه: إنك وَاللَّهِ مَا أنت مثل مسلم بن عقيل، ولو قدمت الْكُوفَة لكان الناس إليك أسرع، [قَالَ الأسديان: ثُمَّ انتظر حَتَّى إذا كَانَ السحر قَالَ لفتيانه وغلمانه: أكثروا من الماء فاستقوا وأكثروا، ثُمَّ ارتحلوا وساروا حَتَّى انتهوا إِلَى زبالة] قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي أَبُو علي الأَنْصَارِيّ، عن بكر بن مصعب المزني، قَالَ: كَانَ الْحُسَيْن لا يمر بأهل ماء إلا اتبعوه حتى إذا انتهى إِلَى زبالة سقط إِلَيْهِ مقتل أخيه من الرضاعة، مقتل عَبْد اللَّهِ بن بقطر، وَكَانَ سرحه إِلَى مسلم بن عقيل من الطريق وَهُوَ لا يدري أنه قَدْ أصيب، فتلقاه خيل الحصين بن تميم بالقادسية، فسرح بِهِ إِلَى عُبَيْد اللَّهِ بن زياد، فَقَالَ: اصعد فوق القصر فالعن الكذاب ابن الكذاب، ثُمَّ انزل حَتَّى أَرَى فيك رأيي! قَالَ: فصعد، فلما أشرف عَلَى الناس قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إني رسول الْحُسَيْن ابن فاطمه بنت رسول الله ص لتنصروه وتوازروه عَلَى ابن مرجانة ابن سمية الدعي فأمر بِهِ عُبَيْد اللَّهِ فألقي من فوق القصر إِلَى الأرض، فكسرت عظامه، وبقي بِهِ رمق، فأتاه رجل يقال لَهُ عَبْد الْمَلِكِ بن عمير اللخمي فذبحه، فلما عيب ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ: إنما أردت أن أريحه.
قَالَ هِشَام: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بن عَيَّاش عمن أخبره، قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ عَبْد الْمَلِكِ بن عمير الَّذِي قام إِلَيْهِ فذبحه، ولكنه قام إِلَيْهِ رجل جعد طوال يشبه عَبْد الْمَلِكِ بن عمير قَالَ: فأتى ذَلِكَ الخبر حسينا وَهُوَ بزبالة، فأخرج لِلنَّاسِ كتابا، فقرأ عَلَيْهِم:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَمَّا بَعْدُ، فإنه قَدْ أتانا خبر فظيع، قتل مسلم ابن عقيل وهانئ بن عروة وعبد اللَّه بن بقطر، وَقَدْ خذلتنا شيعتنا، فمن