للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحب مِنْكُمُ الانصراف فلينصرف، ليس عَلَيْهِ منا ذمام.

قَالَ: فتفرق الناس عنه تفرقا، فأخذوا يمينا وشمالا حَتَّى بقي فِي أَصْحَابه الَّذِينَ جاءوا مَعَهُ من الْمَدِينَة، وإنما فعل ذَلِكَ لأنه ظن أنما اتبعه الأعراب، لأنهم ظنوا أنه يأتي بلدا قَدِ استقامت لَهُ طاعة أهله، فكره أن يسيروا مَعَهُ إلا وهم يعلمون علام يقدمون، وَقَدْ علم أَنَّهُمْ إذا بين لَهُمْ لم يصحبه إلا من يريد مواساته والموت مَعَهُ قَالَ: فلما كَانَ من السحر أمر فتيانه فاستقوا الماء وأكثروا، ثُمَّ سار حَتَّى مر ببطن العقبة، فنزل بِهَا قَالَ أَبُو مخنف: فَحَدَّثَنِي لوذان أحد بني عِكْرِمَة إن أحد عمومته سأل الحسين ع أين تريد؟ فحدثه، فَقَالَ لَهُ: إني أنشدك الله لما انصرفت، فو الله لا تقدم إلا عَلَى الأسنة وحد السيوف، فإن هَؤُلاءِ الَّذِينَ بعثوا إليك لو كَانُوا كفوك مؤنة القتال، ووطئوا لك الأشياء فقدمت عَلَيْهِم كَانَ ذَلِكَ رأيا، فأما عَلَى هَذِهِ الحال الَّتِي تذكرها فإني لا أَرَى لَكَ أن تفعل.

قَالَ: [فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْد اللَّهِ، إنه ليس يخفى علي، الرأي مَا رأيت، ولكن اللَّه لا يغلب عَلَى أمره، ثُمَّ ارتحل منها] .

ونزع يَزِيد بن مُعَاوِيَة فِي هَذِهِ السنة الْوَلِيد بن عتبة عن مكة، وولاها عَمْرو بن سَعِيد بن الْعَاصِ، وَذَلِكَ فِي شهر رمضان منها، فحج بِالنَّاسِ عمرو ابن سَعِيد فِي هَذِهِ السنة، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَحْمَد بْن ثابت، عمن ذكره، عن إسحاق بْن عِيسَى، عن أبي معشر.

وَكَانَ عامله عَلَى مكة والمدينة فِي هَذِهِ السنة بعد ما عزل الْوَلِيد بن عتبة عَمْرو بن سَعِيدٍ، وعلى الْكُوفَة والبصرة وأعمالهما عُبَيْد اللَّهِ بن زياد، وعلى قضاء الْكُوفَة شريح بن الْحَارِث، وعلى قضاء الْبَصْرَة هِشَام بن هبيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>