للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُسَيْن: من هَذَا؟ كأنه شمر بن ذي الجوشن! فَقَالُوا: نعم، أصلحك اللَّه! هُوَ هُوَ، فقال: يا بن راعية المعزى، أنت أولى بِهَا صليا،] فَقَالَ له مسلم بن عوسجة: يا بن رَسُول اللَّهِ، جعلت فداك! أَلا أرميه بسهم! فإنه قَدْ أمكنني، وليس يسقط مني سهم، فالفاسق من أعظم الجبارين، فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْن: لا ترمه، فإني أكره أن أبدأهم، وَكَانَ مع الْحُسَيْن فرس لَهُ يدعى لاحقا حمل عَلَيْهِ ابنه عَلِيّ بن الْحُسَيْن، قَالَ: فلما دنا منه القوم عاد براحلته فركبها، ثم نادى باعلى صوته دعاء يسمع جل الناس:

أَيُّهَا النَّاسُ، اسمعوا قولي، وَلا تعجلوني حَتَّى أعظكم بِمَا لحق لكم علي، وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عَلَيْكُمْ، فإن قبلتم عذري، وصدقتم قولي، وأعطيتموني النصف، كنتم بِذَلِكَ أسعد، ولم يكن لكم علي سبيل، وإن لم تقبلوا مني العذر، ولم تعطوا النصف من أنفسكم «فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ» ، «إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ» قَالَ: فلما سمع أخواته كلامه هَذَا صحن وبكين، وبكى بناته فارتفعت أصواتهن، فأرسل إليهن أخاه العباس ابن علي وعليا ابنه، وَقَالَ لهما: أسكتاهن، فلعمري ليكثرن بكاؤهن، قَالَ: فلما ذهبا ليسكتاهن قَالَ: لا يبعد ابن عَبَّاس، قَالَ: فظننا أنه إنما قالها حين سمع بكاؤهن، لأنه قَدْ كَانَ نهاه أن يخرج بهن، فلما سكتن حمد اللَّه وأثنى عَلَيْهِ، وذكر اللَّه بِمَا هو اهله، وصلى على محمد ص وعلى ملائكته وأنبيائه، فذكر من ذَلِكَ مَا اللَّه أعلم وما لا يحصى ذكره.

قَالَ: فو الله مَا سمعت متكلما قط قبله وَلا بعده أبلغ فِي منطق مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا بَعْدُ، فانسبوني فانظروا من أنا، ثُمَّ ارجعوا إِلَى أنفسكم وعاتبوها، فانظروا، هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيكم ص وابن وصيه وابن عمه، وأول الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ والمصدق لِرَسُولِهِ بِمَا جَاءَ بِهِ من عِنْدَ ربه! او ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي! أوليس جَعْفَر الشهيد الطيار

<<  <  ج: ص:  >  >>