للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصنع اللَّه بك شرا، قَالَ: كذبت، وقبل الْيَوْم مَا كنت كذابا، هل تذكر وأنا أماشيك فِي بني لوذان وأنت تقول: إن عُثْمَان بن عَفَّانَ كَانَ عَلَى نفسه مسرفا، وإن مُعَاوِيَة بن أَبِي سُفْيَانَ ضال مضل، وإن إمام الهدى والحق عَلِيّ بن أبي طالب؟ فَقَالَ لَهُ برير: أشهد أن هَذَا رأيي وقولي، فَقَالَ لَهُ يَزِيد بن معقل: فإني أشهد أنك من الضالين، فَقَالَ لَهُ برير بن حضير:

هل لك فلا باهلك، ولندع اللَّه أن يلعن الكاذب وأن يقتل المبطل، ثُمَّ اخرج فلأبارزك، قَالَ: فخرجا فرفعا أيديهما إِلَى اللَّهِ يدعوانه أن يلعن الكاذب، وأن يقتل المحق المبطل، ثُمَّ برز كل واحد منهما لصاحبه، فاختلفا ضربتين، فضرب يَزِيد بن معقل برير بن حضير ضربة خفيفة لم تضره شَيْئًا، وضربه برير بن حضير ضربة قدت المغفر، وبلغت الدماغ، فخر كأنما هوى من حالق، وان سيف ابن حضير لثابت فِي رأسه، فكأني أنظر إِلَيْهِ ينضنضه من رأسه، وحمل عَلَيْهِ رضي بن منقذ العبدي فاعتنق بريرا، فاعتركا ساعة ثُمَّ إن بريرا قعد عَلَى صدره فَقَالَ رضي: أين أهل المصاع والدفاع؟ قَالَ: فذهب كعب بن جابر بن عَمْرو الأَزْدِيّ ليحمل عَلَيْهِ، فقلت: إن هَذَا برير بن حضير القارئ الَّذِي كَانَ يقرئنا القرآن فِي المسجد، فحمل عَلَيْهِ بالرمح حَتَّى وضعه فِي ظهره، فلما وجد مس الرمح برك عَلَيْهِ فعض بوجهه، وقطع طرف انفه، فطعنه كعب ابن جابر حَتَّى ألقاه عنه، وَقَدْ غيب السنان فِي ظهره، ثُمَّ أقبل عَلَيْهِ يضربه بسيفه حَتَّى قتله، قَالَ عفيف: كأني أنظر إِلَى العبدي الصريع قام ينفض التراب عن قبائه، ويقول: أنعمت علي يَا أخا الأزد نعمة لن أنساها أبدا، قَالَ: فقلت: أنت رأيت هَذَا؟ قَالَ: نعم، رأي عيني وسمع أذني.

فلما رجع كعب بن جابر قالت لَهُ امرأته، أو أخته النوار بنت جابر:

<<  <  ج: ص:  >  >>