عُثْمَانَ بن عَفَّانَ أول الناس فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي خبر مَا وراءك، وأشر علي، قَالَ: لا أستطيع أن أخبرك، أخذ علينا العهود والمواثيق أَلا ندل عَلَى عورة، وَلا نظاهر عدوا، فانتهره ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لولا أنك ابن عُثْمَان لضربت عنقك، وايم اللَّه لا أقيلها قرشيا بعدك فخرج بِمَا لقي من عنده إِلَى أَصْحَابه، فَقَالَ مَرْوَان بن الحكم لابنه عَبْد الْمَلِكِ: ادخل قبلي لعله يجتزئ بك عني، فدخل عَلَيْهِ عَبْد الْمَلِكِ، فَقَالَ: هات مَا عندك، أَخْبِرْنِي خبر الناس، وكيف ترى؟ فَقَالَ لَهُ: نعم أَرَى أن تسير بمن معك، فتنكب هَذَا الطريق إِلَى الْمَدِينَة، حَتَّى إذا انتهيت إِلَى أدنى نخل بِهَا نزلت، فاستظل الناس فِي ظله، وأكلوا من صقره، حَتَّى إذا كَانَ الليل أذكيت الحرس الليل كله عقبا بين أهل العسكر، حَتَّى إذا أصبحت صليت بِالنَّاسِ الغداة، ثُمَّ مضيت بهم وتركت الْمَدِينَة ذات اليسار، ثُمَّ أدرت بِالْمَدِينَةِ حَتَّى تأتيهم من قبل الحرة مشرقا، ثُمَّ تستقبل القوم، فإذا استقبلتهم وَقَدْ أشرقت عَلَيْهِم وطلعت الشمس طلعت بين أكتاف أَصْحَابك، فلا تؤذيهم، وتقع فِي وجوههم فيؤذيهم حرها، ويصيبهم أذاها، ويرون مَا دمتم مشرقين من ائتلاق بيضكم وحرابكم، وأسنة رماحكم وسيوفكم ودروعكم وسواعدكم مَا لا ترونه أنتم لشيء من سلاحهم مَا داموا مغربين، ثُمَّ قاتلهم واستعن بِاللَّهِ عَلَيْهِم، فإن اللَّه ناصرك، إذ خالفوا الإمام، وخرجوا من الجماعة فَقَالَ لَهُ مسلم: لِلَّهِ أبوك! أي امرئ ولد إذ ولدك! لقد رَأَى بك خلفا ثُمَّ إن مَرْوَان دخل عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: إيه! قَالَ: أليس قَدْ دخل عَلَيْك عَبْد الْمَلِكِ! قَالَ: بلى، وأي رجل عَبْد الْمَلِكِ! قلما كلمت من رجال قريش رجلا بِهِ شبيها، فَقَالَ لَهُ مَرْوَان: إذا لقيت عبد الملك فقد لقيتني، قَالَ: أجل، ثُمَّ ارتحل من مكانه ذَلِكَ، وارتحل الناس مَعَهُ حَتَّى نزل المنزل الَّذِي أمره بِهِ عَبْد الْمَلِكِ، فصنع فِيهِ مَا أمره بِهِ، ثُمَّ مضى فِي الحرة حَتَّى نزلها، فأتاهم من قبل المشرق ثُمَّ دعاهم مسلم بن عُقْبَةَ، فَقَالَ: يَا أهل الْمَدِينَة، إن أَمِير الْمُؤْمِنِينَ