يَزِيد بن مُعَاوِيَة يزعم أنكم الأصل، وأني أكره هراقة دمائكم، وأني أؤجلكم ثلاثا، فمن ارعوى وراجع الحق قبلنا مِنْهُ، وانصرفت عنكم، وسرت إِلَى هَذَا الملحد الَّذِي بمكة، وإن أبيتم كنا قَدْ أعذرنا إليكم- وَذَلِكَ فِي ذي الحجة من سنة أربع وستين، هكذا وجدته فِي كتابي، وَهُوَ خطأ، لأن يَزِيد هلك فِي شهر ربيع الأول سنة أربع وستين، وكانت وقعة الحرة فِي ذي الحجة من سنة ثلاث وستين يوم الأربعاء لليلتين بقيتا مِنْهُ ولما مضت الأيام الثلاثة قَالَ: يَا أهل الْمَدِينَة، قَدْ مضت الأيام الثلاثة، فما تصنعون؟ أتسالمون أم تحاربون؟ فَقَالُوا: بل نحارب، فَقَالَ لَهُمْ:
لا تفعلوا، بل ادخلوا فِي الطاعة، ونجعل حدنا وشوكتنا عَلَى هَذَا الملحد الَّذِي قَدْ جمع إِلَيْهِ المراق والفساق من كل أوب فَقَالُوا لَهُمْ: يَا أعداء اللَّه، وَاللَّهِ لو أردتم أن تجوزوا إِلَيْهِم مَا تركناكم حَتَّى نقاتلكم، نحن ندعكم أن تأتوا بيت اللَّه الحرام، وتخيفوا أهله، وتلحدوا فِيهِ، وتستحلوا حرمته! لا وَاللَّهِ لا نفعل.
وَقَدْ كَانَ أهل الْمَدِينَة اتخذوا خندقا فِي جانب الْمَدِينَة، ونزله جمع مِنْهُمْ عظيم، وَكَانَ عَلَيْهِم عبد الرَّحْمَن بن زهير بن عبد عوف ابن عم عبد الرحمن ابن عوف الزُّهْرِيّ، وَكَانَ عَبْد اللَّهِ بن مطيع عَلَى ربع آخر فِي جانب الْمَدِينَة، وَكَانَ معقل بن سنان الأشجعي عَلَى ربع آخر فِي جانب الْمَدِينَة، وَكَانَ أَمِير جماعتهم عَبْد اللَّهِ بن حنظلة الغسيل الأَنْصَارِيّ، فِي أعظم تِلَكَ الأرباع وأكثرها عددا.
قَالَ هِشَام: وأما عوانة بن الحكم الكلبي، فذكر أن عَبْد اللَّهِ بن مطيع كَانَ عَلَى قريش من أهل الْمَدِينَة، وعبد اللَّه بن حنظلة الغسيل عَلَى الأنصار، ومعقل بن سنان عَلَى الْمُهَاجِرِينَ.
قَالَ هِشَام، عن أبي مخنف: قَالَ عَبْد الملك بن نوفل: وصمد مسلم ابن عُقْبَةَ بجميع من مَعَهُ، فأقبل من قبل الحرة حَتَّى ضرب فسطاطه عَلَى