طريق الْكُوفَة، ثُمَّ وجه الخيل نحو ابن الغسيل، فحمل ابن الغسيل عَلَى الخيل فِي الرجال الَّذِينَ مَعَهُ حَتَّى كشف الخيل، حَتَّى انتهوا إِلَى مسلم بن عُقْبَةَ، فنهض فِي وجوههم بالرجال، وصاح بهم، فانصرفوا فقاتلوا قتالا شديدا.
ثُمَّ إن الفضل بْن عباس بْن رَبِيعَة بْن الْحَارِث بْن عبد المطلب جَاءَ الى عبد الله ابن حنظلة الغسيل فقاتل فِي نحو من عشرين فارسا قتالا شديدا حسنا، ثُمَّ قَالَ لعبد اللَّه: مر من معك فارسا فليأتني فليقف معى، فإذا حملت فليحملوا، فو الله لا أنتهي حَتَّى أبلغ مسلما، فإما أن أقتله، وإما أن أقتل دونه فَقَالَ عَبْد اللَّهِ بن حنظلة لعبد اللَّه بن الضحاك من بني عبد الأشهل من الأنصار: ناد فِي الخيل فلتقف مع الفضل بن العباس، فنادى فيهم فجمعهم إِلَى الفضل، فلما اجتمعت الخيل إِلَيْهِ حمل عَلَى أهل الشام فانكشفوا، فَقَالَ لأَصْحَابه: الا ترونهم كشفا لئاما! احملوا اخرى جعلت فداكم! فو الله لَئِنْ عاينت أميرهم، لأقتلنه أو لأقتلن دونه، ان صبر ساعه معقب سرور أبد، إنه ليس بعد لصبرنا إلا النصر ثُمَّ حمل وحمل أَصْحَابه مَعَهُ، فانفرجت خيل أهل الشام عن مسلم بن عُقْبَةَ فِي نحو من خمسمائة راجل جثاة عَلَى الركب، مشرعي الأسنة نحو القوم، ومضى كما هُوَ نحو رايته حَتَّى يضرب رأس صاحب الراية، وإن عَلَيْهِ لمغفرا، فقط المغفر، وفلق هامته فخر ميتا، فَقَالَ: خذها مني وأنا ابن عبد المطلب! فظن أنه قتل مسلما، فَقَالَ: قتلت طاغية القوم ورب الكعبة، فَقَالَ مسلم: أخطأت استك الحفرة! وإنما كَانَ ذَلِكَ غلاما لَهُ، يقال لَهُ: رومي، وَكَانَ شجاعا.
فأخذ مسلم رايته ونادى: يَا أهل الشام، أهذا القتال قتال قوم يريدون أن يدفعوا بِهِ عن دينهم، وأن يعزوا بِهِ نصر إمامهم! قبح اللَّه قتالكم منذ الْيَوْم! مَا أوجعه لقلبي، وأغيظه لنفسي! اما والله ما جزاؤكم عليه الا ان تحرموا العطاء، وأن تجمروا فِي أقاصي الثغور شدوا مع هَذِهِ الراية، ترح اللَّه وجوهكم إن لم تعتبوا! فمشى برايته، وشدت تِلَكَ الرجال أمام الراية، فصرع الفضل بن عباس، فقتل وما بينه وبين اطناب مسلم بن عقبه الا نحو