تفعل، ليس هَذَا برأي أن تنطلق وأنت شيخ قريش إِلَى أبي خبيب بالخلافة، ولكن ادع أهل تدمر فبايعهم، ثُمَّ سر بهم وبمن معك من بني أُمَيَّة إِلَى الضحاك بن قيس حَتَّى تخرجه من الشام، فَقَالَ عَمْرو بن سَعِيد بن الْعَاصِ:
صدق وَاللَّهِ عُبَيْد اللَّهِ بن زياد، ثُمَّ أنت سيد قريش وفرعها، وأنت أحق الناس بالقيام بهذا الأمر، إنما ينظر الناس إِلَى هَذَا الغلام- يعني خَالِد بن يَزِيدَ بن مُعَاوِيَة- فتزوج أمه فيكون فِي حجرك، قَالَ: ففعل مَرْوَان ذَلِكَ، فتزوج أم خَالِد بن يَزِيدَ، وَهِيَ فاختة ابنة أبي هاشم بْن عتبة بْن رَبِيعَة بْن عبد شمس ثُمَّ جمع بني أُمَيَّة فبايعوه بالإمارة عَلَيْهِم، وبايعه أهل تدمر ثُمَّ سار فِي جمع عظيم إِلَى الضحاك بن قيس، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بدمشق، فلما بلغ الضحاك مَا صنع بنو أُمَيَّة ومسيرتهم إِلَيْهِ، خرج بمن تبعه من أهل دمشق وغيرهم، فِيهِمْ زفر بن الْحَارِث، فالتقوا بمرج راهط، فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل الضحاك بن قيس الفهري وعامة أَصْحَابه، وانهزم بقيتهم، فتفرقوا، وأخذ زفر بن الْحَارِث وجها من تِلَكَ الوجوه، هُوَ وشابان من بني سليم فجاءت خيل مَرْوَان تطلبهم، فلما خاف السلميان أن تلحقهم خيل مَرْوَان قَالا لزفر: يَا هَذَا، انج بنفسك، فأما نحن فمقتولان، فمضى زفر وتركهما حَتَّى أتى قرقيسيا، فاجتمعت إِلَيْهِ قيس، فرأسوه عَلَيْهِم، فذلك حَيْثُ يقول زفر بن الْحَارِث:
أريني سلاحي لا أبا لك إنني ... أَرَى الحرب لا تزداد إلا تماديا
أتاني عن مَرْوَان بالغيب أنه ... مقيد دمي أو قاطع من لسانيا
ففي العيس منجاة وفي الأرض مهرب ... إذا نحن رفعنا لهن المثانيا
فلا تحسبوني إن تغيبت غافلا ... وَلا تفرحوا إن جئتكم بلقائيا