أشد عَلَيْكُمْ ونظرت فيمن تبعني مِنْكُمْ فعلمت أَنَّهُمْ لو خرجوا لم يدركوا ثأرهم، ولم يشفوا أنفسهم، ولم ينكوا فِي عدوهم، وكانوا لَهُمْ جزرا، ولكن بثوا دعاتكم فِي المصر، فادعوا إِلَى أمركم هَذَا، شيعتكم وغير شيعتكم، فإني أرجو أن يكون الناس الْيَوْم حَيْثُ هلك هَذَا الطاغية أسرع إِلَى أمركم استجابة مِنْهُمْ قبل هلاكه ففعلوا، وخرجت طائفة مِنْهُمْ دعاة يدعون الناس، فاستجاب لَهُمْ ناس كثير بعد هلاك يَزِيد بن مُعَاوِيَة أضعاف من كَانَ استجاب لَهُمْ قبل ذَلِكَ.
قَالَ هِشَام: قَالَ أَبُو مخنف: وَحَدَّثَنَا الحصين بن يَزِيدَ، عن رجل من مزينة قَالَ: مَا رأيت من هَذِهِ الأمة أحدا كَانَ أبلغ من عُبَيْد اللَّهِ بن عَبْدِ اللَّهِ المري فِي منطق وَلا عظة، وَكَانَ من دعاة أهل المصر زمان سُلَيْمَان بن صرد، وَكَانَ إذا اجتمعت إِلَيْهِ جماعة مِنَ النَّاسِ فوعظهم بدأ بحمد اللَّه والثناء عَلَيْهِ والصلاة عَلَى رَسُول الله ص، ثُمَّ يقول: أَمَّا بَعْدُ، فإن اللَّه اصطفى محمدا ص عَلَى خلقه بنبوته، وخصه بالفضل كله، وأعزكم بأتباعه وأكرمكم بالإيمان بِهِ، فحقن بِهِ دماءكم المسفوكة، وأمن بِهِ سبلكم المخوفة، «وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها، كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» فهل خلق ربكم فِي الأولين والآخرين أعظم حقا عَلَى هَذِهِ الأمة من نبيها؟ وهل ذرية أحد من النبيين والمرسلين أو غيرهم أعظم حقا عَلَى هَذِهِ الأمة من ذرية رسولها؟ لا وَاللَّهِ، مَا كَانَ وَلا يكون لِلَّهِ أنتم! ألم تروا ويبلغكم مَا اجترم إِلَى ابن بنت نبيكم! أما رأيتم إِلَى انتهاك القوم حرمته، واستضعافهم وحدته، وترميلهم إِيَّاهُ بالدم، وتجرارهموه عَلَى الأرض! لم يرقبوا فِيهِ ربهم ولا قرابته من الرسول ص، اتخذوه للنبل غرضا، وغادروه للضباع جزرا، فلله عينا من رَأَى مثله! ولله حُسَيْن بن علي، ماذا غادروا بِهِ ذا صدق وصبر، وذا أمانة ونجدة وحزم! ابن أول الْمُسْلِمِينَ إسلاما، وابن بنت رسول رب العالمين، قلت حماته، وكثرت عداته حوله، فقتله عدوه، وخذله وليه فويل للقاتل، وملامة