للخاذل! إن اللَّه لم يجعل لقاتله حجة، وَلا لخاذله معذرة، إلا أن يناصح لِلَّهِ فِي التوبة، فيجاهد القاتلين، وينابذ القاسطين، فعسى اللَّه عِنْدَ ذَلِكَ أن يقبل التوبة، ويقيل العثرة، إنا ندعوكم إِلَى كتاب اللَّه وسنة نبيه، والطلب بدماء أهل بيته، وإلى جهاد المحلين والمارقين، فإن قتلنا فما عِنْدَ اللَّه خير للأبرار، وإن ظهرنا رددنا هَذَا الأمر إِلَى أهل بيت نبينا.
قَالَ: وَكَانَ يعيد هَذَا الكلام علينا فِي كل يوم حَتَّى حفظه عامتنا.
قَالَ: ووثب الناس عَلَى عَمْرو بن حريث عِنْدَ هلاك يَزِيد بن مُعَاوِيَة، فأخرجوه من القصر، واصطلحوا عَلَى عَامِر بن مسعود بن أُمَيَّة بن خلف الْجُمَحِيّ.
وَهُوَ دحروجة الجعل الَّذِي قَالَ لَهُ ابن همام السلولي:
اشدد يديك بزَيْد إن ظفرت بِهِ ... واشف الأرامل من دحروجة الجعل
وَكَانَ كأنه إبهام قصرا، وزَيْد مولاه وخازنه، فكان يصلي بِالنَّاسِ.
وبايع لابن الزُّبَيْر، ولم يزل أَصْحَاب سُلَيْمَان بن صرد يدعون شيعتهم وغيرهم من أهل مصرهم حَتَّى كثر تبعهم، وَكَانَ الناس الى اتباعهم بعد هلاك يزيد ابن مُعَاوِيَة أسرع مِنْهُمْ قبل ذَلِكَ، فلما مضت سته اشهر من هلاك يزيد ابن مُعَاوِيَة، قدم المختار بن أبي عبيد الْكُوفَة، فقدم فِي النصف من شهر رمضان يوم الجمعة قَالَ: وقدم عَبْد اللَّهِ بن يَزِيدَ الأَنْصَارِيّ ثُمَّ الخطمي من قبل عَبْد اللَّهِ بن الزُّبَيْرِ أميرا عَلَى الْكُوفَة عَلَى حربها وثغرها، وقدم مَعَهُ من قبل ابن الزُّبَيْر إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بْنِ طَلْحَة بن عُبَيْد اللَّهِ الأعرج أميرا على خراج الْكُوفَة، وَكَانَ قدوم عَبْد اللَّهِ بن يَزِيدَ الأَنْصَارِيّ ثُمَّ الخطمي يوم الجمعة لثمان بقين من شهر رمضان سنة أربع وستين.
قَالَ: وقدم المختار قبل عَبْد اللَّهِ بن يَزِيدَ وإبراهيم بن مُحَمَّد بثمانية أيام، ودخل المختار الْكُوفَة، وَقَدِ اجتمعت رءوس الشيعة ووجوهها مع سُلَيْمَان بن صرد فليس يعدلونه بِهِ، فكان المختار إذا دعاهم إِلَى نفسه وإلى الطلب بدم الْحُسَيْن قالت لَهُ الشيعة: هَذَا سُلَيْمَان بن صرد شيخ الشيعة، قَدِ انقادوا لَهُ واجتمعوا