قال عُمَر بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: بلغ عبد الملك بن مروان أن ابن الزبير بعث عمالا على البلاد، فقال: من بعث على البصرة؟
فقيل بعث عليها الْحَارِث بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، قال: لا حر بوادي عوف، بعث عوفا وجلس! ثم قال: من بعث على الكوفة؟ قالوا: عبد الله بن مطيع، قال: حازم وكثيرا ما يسقط، وشجاع وما يكره أن يفر، قال: من بعث على المدينة؟ قالوا: بعث أخاه مصعب بن الزبير، قال: ذاك الليث النهد، وهو رجل أهل بيته.
قال هشام: قال أبو مخنف: وقدم عبد الله بن مطيع الكوفة في رمضان سنة خمس وستين يوم الخميس لخمس بقين من شهر رمضان، فقال لعبد الله ابن يزيد: إن أحببت أن تقيم معي أحسنت صحبتك، وأكرمت مثواك، وإن لحقت بأمير المؤمنين عبد الله بن الزبير فبك عليه كرامة، وعلى من قبله من المسلمين وقال لإبراهيم بن مُحَمَّد بن طلحة: الحق بأمير المؤمنين، فخرج إبراهيم حتى قدم المدينة، وكسر على ابن الزبير الخراج، وقال: إنما كانت فتنة، فكف عنه ابن الزبير.
قال: وأقام ابن مطيع على الكوفة على الصلاة والخراج، وبعث على شرطته إياس بن مضارب العجلي، وأمره أن يحسن السيرة والشدة على المريب.
قال أبو مخنف: فحدثني حصيرة بن عبد الله بن الحارث بن دريد الأزدي- وكان قد أدرك ذلك الزمان، وشهد قتل مصعب بن الزبير- قال:
إني لشاهد المسجد حيث قدم عبد الله بن مطيع، فصعد الْمِنْبَر، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فإن أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير بعثني على مصركم وثغوركم، وأمرني بجباية فيئكم، والا أحمل فضل فيئكم عنكم إلا برضا منكم، ووصية عمر بن الخطاب التي أوصى بها عند وفاته، وبسيره عثمان ابن عفان التي سار بها في المسلمين، فاتقوا الله واستقيموا ولا تختلفوا، وخذوا