بطانة، فإن خشيتم على أنفسكم فاحذروا على دينكم الكذابين، وأكثروا الصلاة والصيام والدعاء فإنه ليس أحد من الخلق يملك لأحد ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله، وكُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ،
وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى، * والله قائم على كل نفس بما كسبت، فاعملوا صالحا، وقدموا لأنفسكم حسنا، ولا تكونوا من الغافلين، والسلام عليكم.
قال أبو مخنف: فحدثني حصيرة بن عبد الله، أن عبد الله بن نوف خرج من بيت هند بنت المتكلفة حين خرج الناس إلى حروراء وهو يقول: يوم الأربعاء، ترفعت السماء، ونزل القضاء، بهزيمة الأعداء، فاخرجوا على اسم الله إلى حروراء فخرج، فلما التقى الناس للقتال ضرب على وجهه ضربة، ورجع الناس منهزمين، ولقيه عبد الله بن شريك النهدي، وقد سمع مقالته، فقال له: الم تزعم لنا يا بن نوف انا سنهزمهم! قال: او ما قرات في كتاب الله: «يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ» ! قال: فلما أصبح المصعب أقبل يسير بمن معه من أهل البصرة ومن خرج إليه من أهل الكوفة، فأخذ بهم نحو السبخة، فمر بالمهلب، فقال له المهلب: يا له فتحا ما أهنأه لو لم يكن مُحَمَّد بن الأشعث قتل! قال: صدقت، فرحم الله مُحَمَّدا ثم سار غير بعيد، ثم قال:
يا مهلب، قال: لبيك أيها الأمير، قال: هل علمت أن عبيد الله بن علي بن أبي طالب قد قتل! قال: «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» ، قال:
المصعب: إما أنه كان ممن أحب أن يرى هذا الفتح، ثم لا نجعل أنفسنا أحق بشيء مما نحن فيه منه، أتدري من قتله؟ قال: لا، قال:
إنما قتله من يزعم أنه لأبيه شيعة، أما إنهم قد قتلوه وهم يعرفونه.
قال: ثم مضى حتى نزل السبخة فقطع عنهم الماء والمادة، وبعث عبد الرحمن بن مُحَمَّد بن الاشعث فنزل الكناسة، وبعث عبد الرحمن ابن مخنف بن سليم إلى جبانة السبيع، وقد كان قال لعبد الرحمن بن مخنف:
ما كنت صنعت فيما كنت وكلتك به؟ قال: أصلحك الله! وجدت