للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من سوء الرأي والحيرة وقوعكم فيما بين هاتين الشوكتين، وانهضوا بنا إلى عدونا نلقهم من وجه واحد فسار بهم حتى قطع بهم أرض جوخى، ثم أخذ على النهر وانات، ثم لزم شاطئ دجلة حتى خرج على المدائن وبها كردم بن مرثد بن نجبة الفزاري، فشنوا الغارة على أهل المدائن، يقتلون الولدان والنساء والرجال، ويبقرون الحبالى، وهرب كردم، فأقبلوا إلى ساباط فوضعوا أسيافهم في الناس، فقتلوا أم ولد لربيعه ابن ماجد، وقتلوا بنانة ابنة أبي يزيد بن عاصم الأزدي، وكانت قد قرأت القرآن، وكانت من أجمل الناس، فلما غشوها بالسيوف قالت:

ويحكم! هل سمعتم بأن الرجال كانوا يقتلون النساء! ويحكم! تقتلون من لا يبسط إليكم يدا، ولا يريد بكم ضرا، ولا يملك لنفسه نفعا! أتقتلون من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين! فقال بعضهم: اقتلوها، وقال رجل منهم: لو أنكم تركتموها! فقال بعضهم: أعجبك جمالها يا عدو الله! قد كفرت وافتتنت، فانصرف الآخر عنهم وتركهم، فظننا أنه فارقهم، وحملوا عليها فقتلوها، فقالت ريطة بنت يزيد: سبحان الله! أترون الله يرضى بما تصنعون! تقتلون النساء والصبيان ومن لم يذنب إليكم ذنبا! ثم انصرفت وحملوا عليها وبين يديها الرواع بنت إياس بن شريح الهمداني، وهي ابنة أخيها لأمها، فحملوا عليها فضربوها على رأسها، بالسيف، ويصيب ذباب السيف رأس الرواع فسقطتا جميعا إلى الأرض، وقاتلهم إياس بن شريح ساعة، ثم صرع فوقع بين القتلى، فنزعوا عنه وهم يرون أنهم قد قتلوه، وصرع منهم رجل من بكر ابن وائل يقال له رزين بن المتوكل.

فلما انصرفوا عنهم لم يمت غير بنانة بنت ابى يزيد، وأم ولد ربيعه ابن ناجد، وأفاق سائرهم، فسقى بعضهم بعضا من الماء، وعصبوا جراحاتهم ثم استأجروا دواب، ثم أقبلوا نحو الكوفة.

قال أبو مخنف: فحدثتني الرواع ابنة إياس، قالت: ما رأيت

<<  <  ج: ص:  >  >>